- رضي الله تعالى عنه -: إنه يضر وينفع يا أمير المؤمنين. قال: بم؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال وأين ذلك من كتاب الله قال: قال الله عز وجل: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) إلى قوله: (بلى)، خلق آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان، فقال له: افتح فاك، ففتح فاه فألقمه ذلك الرق وقال: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يؤتى بالحجر الأسود يوم القيامة وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد " فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع. فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
تنبيه: قال المحب الطبري رحمه الله تعالى: وقد اعترض بعض الملحدة، فقال: كيف يسود الحجر خطايا أهل الشرك ولا يبيضه توحيد أهل الإيمان؟.
والجواب عنه من ثلاثة أوجه: الأول: ما تضمنه حديث ابن عباس الذي رواه الجندي:
أن الله - تعالى - إنما طمس نوره بالسواد ليستر زينة الجنة عن الظلمة وكأنه لما تغيرت صفته التي كانت كالزينة له بالسواد كان ذلك السواد له كالحجاب المانع من الرؤية وإن رئي جرمه، إذ يجوز أن يطلق عليه غير مرئي، كما يطلق على المرأة المستترة بثوب أنها غير مرئية.
الثاني: أجاب به ابن حبيب (1) رحمه الله - تعالى - فقال: لو شاء الله - تعالى - لكان ذلك، وما علمت أيها المعترض أن الله - تعالى - أجرى العادة بأن السواد يصبغ ولا يصبغ، والبياض ينصبغ ولا يصبغ.
والثالث: وهو منقاس، أن يقال: بقاؤه أسود - والله تعالى أعلم -: إنما كان للاعتبار، وليعلم أن الخطايا إذا أثرت في الحجر فتأثيرها في القلوب أعظم. والله أعلم.
شهادة الحجر الأسود يوم القيامة لمن استلمه بحق روى الدارمي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليبعثن الله الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد لمن استلمه بحق " (2).