الباب الثامن في بعض ما ورد في الكتب القديمة من ذكر فضائله صلى الله عليه وسلم ومناقبه العظيمة قال الله تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم الموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح به أعينا عميا وقلوبا غلفا وآذانا صما " (1).
رواه الإمام أحمد والبخاري. وروى نحوه ابن عساكر وابن الجوزي عن عبد الله بن سلام (2)، والدارمي (3) عن كعب.
" شاهدا " حال مقدرة من الكاف أو من الفاعل، أي مقدرا أو مقدرين شهادتك على من بعثت إليهم، أي مقبولا قولك عند الله فيهم وعليهم، كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم.
" حرزا " بالمهملة المكسورة فالراء الساكنة فالزاي - أي حفظا " للأميين " أي للعرب لأن الكتابة عندهم قليلة. والأمي من لا يحسن الكتابة. وليس لليهود أن يتمسكوا بقوله " حرزا للأميين " على ما زعموا أنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العرب خاصة، لأن قوله: " حتى يقيم الملة العوجاء " يشملهم لأنهم بدلوا وحرفوا وغيروا، فأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم ليقيم عوجهم، وهل أحد أولى منهم بإقامة عوجهم؟!.
" ليس بفظ " أي سيئ الخلق " ولا غليظ " أي شديد القول " ولا سخاب " بالسين