الباب العاشر في بعض منامات رئيت تدل على بعثته صلى عليه وسلم روى أبو نعيم من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم عن أبيه عن جده قال:
سمعت أبا طالب (1) يحدث عن عبد المطلب قال: بينما أنا نائم في الحجر رأيت رؤيا هالتني ففزعت منها فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي فقلت لها إني رأيت الليلة كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس بسبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم لها ساجدين وهي تزداد كل ساعة - عظما ونورا وارتفاعا، ساعة تخفى وساعة تظهر، ورأيت رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا فيكسر أظهرهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فلم أقدر فقلت: لمن النصيب؟ قال: النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها. وسبقوك. فانتبهت مذعورا. فرأيت وجه الكاهنة قد تغير ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب ويدين له الناس. فقال عبد المطلب لأبي طالب: لعلك أن تكون عم هذا المولود.
فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين. فيقال له: ألا تؤمن به؟ فيقول السبة والعار (2).
وذكر ابن ظفر أن مرثد بن عبد كلال رأى رؤيا أخافته وأذعرته وهالته في حال منامه فلما انتبه نسيها حتى ما يذكر منها شيئا، ثم إنه أحضر الكهان فجعل يخلو بكاهن كاهن ثم يقول: أخبرني عما أريد أن أسالك عنه. فيجيبه الكاهن بأنه لا علم عنده عنها. فلم يكن عند واحد منهم جوابها، ثم إنه خرج يتصيد بعد ذلك فأوغل في طلب الصيد وانفرد عن أصحابه، فرفعت له أبيات في ذرى جبل فقصد بيتا منها، فبرزت له عجوز فقالت له: بالرحب والسعة والجفنة المدعدعة والعلبة المترعة. فنزل فلما احتجب عن الشمس نام فلم يستيقظ حتى تصرم الهجير، فإذا بين يديه فتاة لم ير مثلها جمالا فقالت له: أبيت اللعن أيها الملك الهمام هل لك في الطعام؟ فخاف على نفسه لما رأى أنها عرفته فقالت: لا حذر فداك البشر. وقربت إليه