وخطب رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله (1) ولزوم طاعته وتقديم العمل وترك الامل فإنه من فرط في عمله لم ينتفع بطئ من أمله أين التعب بالليل والنهار المقتحم للجج البحار ومفاوز القفار يسير من وراء الجبال وعالج الرمال يصل الغدو بالرواح والمساء بالصباح في طلب مقراب الأرباح هجمت عليه منيته فعظمت بنفسه رزيته فصار ما جمع بورا وما اكتسب غرورا ووافى القيامة محسورا.
أيها اللاهي الغار بنفسه كأني بك وقد أتاكم رسول ربك لا يقرع لك بابا ولا يهاب لك حجابا ولا يقبل منك بديلا ولا يأخذ منك كفيلا ولا يرحم لك صغيرا ولا يوقر فيك كبيرا حتى يؤديك إلى قعر مظلمة أرجاؤها موحشة أطلالها كفعله بالأمم الخالية والقرون الماضية.
أين من سعى واجتهد؟ وجمع وعدد وبنى وشيد وزخرف ونجد؟ وبالقليل لم يقنع وبالكثير لم يمتع؟.
أين من قاد الكنود؟ ونشر البنود أصبحوا رفاتا تحت الثرى وأنتم بكأسهم شاربون ولسبيلهم سالكون.
عباد الله فاتقوا [الله] وراقبوه واعملوا لليوم الذي تسير فيه الجبال وتنشق السماء بالغمام وتتطاير الكتب على الايمان والشمال فأي رجل يومئذ تراك؟ أقائل: (هاؤم أقروا كتابيه) أم [قائل] (يا ليتني لم أوت كتابيه).
نسأل من وعدنا على إقامة الشرائع جنته أن يقينا سخطه. إن أحسن الحديث كتاب الله.