ولعمري لئن نظرت بعين عقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان (1) واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا يعرض لهم الشورى؟ (2) وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل الايمان والهجرة فبايع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقدم جرير بن عبد الله على معاوية بالكتاب واستحثه البيعة فقال [معاوية]: يا جرير إنها ليست بخلسة إن هذا الامر له ما بعده فأبلعني ريقي فأنظر.
فدعا [معاوية أخاه] عتبة بن أبي سفيان فاستشاره فقال [له عتبة]: استعن على هذا الامر بعمرو بن العاص فإنه من قد عرفت وكان قد اعتزل أمر عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اعتزالا إلا أن يرى فرصة (3).
فكتب معاوية إلى عمرو فأتاه فاستشاره [فقال له عمرو: أبايعك وأقوم معك في هذا الامر على أن تعطيني مصر طعمة في حياتي. فكايد كل واحد منهما صاحبه إلى أن رضي معاوية بإعطاء مصر طعمة له] (4).
ثم قال معاوية لجرير و [قد] أتاه في بيته: إني قد رأيت رأيا. قال [جرير]: هاته. قال اكتب إلى صاحبك يجعل الشام لي حياته فإن حضرته الوفاة لم يجعل لاحد بيعة في عنقي بعده وأسلم له هذا الامر وأكتب له بالخلافة!!! قال جرير: أكتب [إليه] ذلك، فكتب به إلى علي رضي الله عنه.
فكتب [أمير المؤمنين عليه السلام] إليه جوابا عما كتب [إليه]: أما بعد فإنما أراد معاوية أن لا يكون في عنقه لاحد بيعة، وأن يختار لنفسه وأمره ما أحب، وأراد أن يريك حب أهل الشام له (5) وقد كان المغيرة بن شعبة أشار علي - وأنا بالمدينة -