الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٨٣
وذرياته (1) أهل الشرف والمراتب المسطر ذكرهم في الكتاب تسطيرا المنزل فيهم

(١) قبل أن نشير إلى معنى الآية وما ورد فيها من أقوال علماء أهل السنة والشيعة ومفسريهم لابد من تحديد معنى (الأهل) لغتة واصطلاحا - كما وردت في كتاب الله وأحاديث رسوله (صلى الله عليه وآله) وقواميس اللغة العربية، وذلك لقطع الطريق على المتلاعبين، وإلقاء الحجة على الآخرين، وليكن تحديدنا على نحو الاستعراض السريع.
فالأهل في اللغة: أهل الرجل، عشيرته وذوو قرباه، جمعه: أهلون، وأهلات، وأهل. يأهل ويأهل أهولا وتأهل واتهل: اتخذ أهلا.
وأهل الأمر: ولاته، وللبيت سكانه، وللمذهب من يدين به، وللرجل زوجته كأهلته، وللنبي (صلى الله عليه وآله) أزواجه وبناته و صهره علي (رضي الله عنه) أو نساؤه، والرجال الذين هم آله، ولكل نبي أمته، ومكان آهل، له أهل ومأهول، فيه أهل... (انظر القاموس المحيط للفيروزآبادي).
وذكر في المعجم الوسيط تعريفا آخر للأهل: الأهل: الأقارب والعشيرة والزوجة، وأهل الشيء:
أصحابه، وأهل الدار ونحوها: سكانها.
وذكر الرازي صاحب مختارات الصحاح معنى الأهل فقال: من الأهالة، والأهالة لغة: الودك والمستأهل هو الذي يأخذ الأهالة، والودك دسم اللحم، والبيت عيال الرجل... والأهل والأقارب والعشيرة والزوجة وأهل الشيء أصحابه وأهل الدار سكانها.
إذن، كلمة " أهل " عند ما تطلق فإنها تحتمل عدة معان، فربما تعني: الزوجة فقط أو الأولاد فقط أو الزوجة والأولاد معا، أو الأقارب والعشيرة، إلى غير ذلك. ولذا نجد كل واحدة من هذه المعاني قد وردت في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهلهى ءانس من جانب الطور نارا قال لاهله امكثوا إني ءانست نارا لعلى ءاتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون) القصص: ٢٩.
فأهل موسى (عليه السلام) في الآية الكريمة هي الزوجة التي خرج بها عائذا من مدين إلى مصر، وليس يصحبه أحد سواها، فلا تنصرف كلمة " أهله " إلى معنى آخر. (انظر تفسير السيد عبد الله شبر: ٣٧٣ الطبعة الثالثة دار إحياء التراث).
وقال تعالى: (قالت ما جزآء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) يوسف: ٢٥.
والأهل هنا أيضا تعني الزوجة، وهي زوجة عزيز مصر لا غير.
وأما قوله تعالى: (إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغبرين) العنكبوت: ٣٣، وقوله تعالى:
(وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها). طه: ١٣٢. فكلمة " الأهل " في الآيتين الشريفتين تعني الأسرة المكونة من الزوجين والأولاد ومتعلقي الرجال، على الرغم من استثناء زوجة لوط (عليه السلام) فنالها العذاب.
وأما قوله تعالى: (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحكمين * قال ينوح إنه ليس من أهلك...) هود: ٤٥ و ٤٦، فكلمة " الأهل " هنا تعني أسرة الرجل السالكين لدربه والسائرين على خطه، ولذا خرج ابنه عن الأسرة، ولذا لم يعد أحد أبنائه، لأنه خرج عن خط أبيه (عليه السلام). وكان نوح (عليه السلام) يحمل زوجه وأولاده وزوجات أولاده. (لاحظ تفسير الآية في كتب التفسير وخاصة تفسير الجلالين).
أما قوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلهآ) النساء: ٣٥. وقوله تعالى: (وشهد شاهد من أهلهآ) يوسف: ٢٦، فكلمة " الأهل " في الآية الأولى تعنى أقارب وعشيرة الزوجين. أما في الآية الثانية فتعني أقارب وعشيرة امرأة عزيز مصر. (لاحظ تفسير الآية في كتب التفسير وخاصة تفسير الجلالين ولاحظ تفسير الميزان: ١٢ / ١٤٢).
وأما قوله تعالى: (فكشفنا ما بهى من ضر وءاتينه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعبدين) الأنبياء: ٨٤، فكلمة " أهل " في الآية هنا تشير إلى أبناء النبي أيوب (عليه السلام) بعد كشف الضر عنه.
أما قوله تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهلهى) فاطر: ٤٣، وقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامنت إلى أهلها) النساء: ٥٨، وقوله تعالى: (قال أخرقتها لتغرق أهلها) الكهف: ٧١، فكلمة " أهل " في هذه الآيات الشريفة تعني أصحاب الشيء أو أصحاب العمل.
والخلاصة: ان كلمة " أهل " قد وردت في القرآن الكريم ٥٤ مرة (انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي).
أما كلمة " بيت " التي وردت في مواطن عديدة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، أيضا حملت عدة معان، منها: المسجد الحرام. ومنها: البيت النسبي، ومنها: البيت المادي المعد للسكن، وغير ذلك. فقد وردت بمعنى المسجد الحرام ١٥ مرة; (انظر البقرة: ١٢٥ و ١٢٧ و ١٥١، الأنفال: ٢٥، هود: ٧٣، الحج: ٢٦ و ٢٩ و ٣٣، آل عمران: ٩٦ و ٩٧ المائدة: ٢ و ٩٧، الأحزاب: ٣٣، الطور: ٤، إبراهيم: ٢٧) لأنها من الألفاظ المشتركة.
أما إذا أضفنا كلمة " البيت " إلى الأهل فقد وردت في القرآن الكريم مرتين كما في قوله تعالى:
(رحمت الله وبركته عليكم أهل البيت) هود: ٧٣. وقوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الأحزاب: ٣٣.
أما كلمة " أهل البيت " في السنة المطهرة فكثيرة الورود، ولا يمكن لنا استعراضها، لاستلزام ذلك مراجعة قوله وفعله وتقريره (صلى الله عليه وآله)، وهذا مما لا يمكن حصره.
وبما أن المدلول الحقيقي لهذا المصطلح الجليل قد تعرض لحملة من التزوير والتشويه، و هو مدار بحثنا فيقتضي التنويه عما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) على سبيل الاجمال لا التفصيل. فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) عن طريق أهل السنة والشيعة ما يقارب الثمانين، روى منها أهل السنة ما يقرب من أربعين حديثا. وروى أهل الشيعة أكثر من ثلاثين طريقا (راجع تفسير الميزان: ١٦ / 329). وعلى الرغم من ذلك فقد تمخض عن إهمال القرينة قيام عدة آراء ومذاهب كل منها تزعم سلامة الاتجاه و التفسير لهذا المصطلح.
فمنهم من يقول: إن أهل البيت الذين عنتهم آية التطهير هم: بنو هاشم - أي بنو عبد المطلب جميعا -. ومنهم من قال: إنهم مؤمنو بني هاشم وعبد المطلب دون سائر أبنائهما (روح المعاني للآلوسي:
24 / 14).
ومنهم من يقول: إنهم العباس بن عبد المطلب وأبناؤه (المصدر السابق).
ومنهم من يقول: هم الذين حرموا من الصدقة: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس (انظر تفسير الخازن: 5 / 259).
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 75 76 78 80 83 83 83 83 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649