الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٧٦
وعلى آله (1)،
(١) يقصد بذلك آل الرسول (صلى الله عليه وآله) الذين خصهم الله بالمكارم والفضائل، ونزههم عن النقائص بقوله تعالى:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الأحزاب: ٣٣. وفرض مودتهم على جميع المسلمين بقوله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الشورى: ٢٣.
وما أحسن قول الصاحب بن عباد فيهم حيث قال: هم - والله - الشجرة الطيبة، والغمامة الصيبة، والعلم الزاخر، والبحر الذي ليس يدرك له آخر الفضل العلوي، والفخر الحسني، والإباء الحسيني، والزهد الزينبي، والعلم الباقري، والحديث الصادقي، والحلم الكاظمي، والتفنن الرضوي، والمعجز الجوادي، والبرهان الهادي، وخذ إلى الحسن وابنه من روح الفضل وغصنه، إمام بعد إمام، يعتم بالنبوة، ويتقمص بالإمامة، ويتمنطق بالكرامة (ينابيع المودة: ١ / ٤ ط ٧ قم منشورات الشريف الرضي).
إن التصلية والتسليمة على الآل ثابتة في كتاب الله وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقول الأصحاب الكرام. قال تعالى: (ان الله والملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الأحزاب:
٣٣، فقالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، و بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. (صحيح البخاري: ٦ / ٢١٧ و ٢٩١).
وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره: ٧ / ٣٩١ أن أهل البيت ساووا النبي (صلى الله عليه وآله) في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهد، وفي السلام، و في الطهارة، و في تحريم الصدقة، وفي المحبة.
وقال (صلى الله عليه وآله): معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب. (ينابيع المودة: ١ / ٢١ في المقدمة نقلا عن ذخيرة المآل ط ٧ قم).
وقال (صلى الله عليه وآله): لا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. (الصواعق المحرقة لابن حجر: ١٣١، فتح القدير للشوكاني: ٤ / ٢٨٠ نقله عن صحيح مسلم، تفسير الخازن: ٥ / ٢٥٩).
وقد أشار إلى فرض مودتهم كثير من العلماء والفقهاء، كما قال الإمام الشافعي:
يا آل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له (الصواعق المحرقة: ١٤٦، نور الأبصار: ١٠٥، إسعاف الراغبين: ١١٨، شرح المواقف للزرقاني: ٧ / ٧).
وقال شمس الدين ابن العربي:
رأيت ولائي آل طه فريضة * على رغم أهل البعد يورثني القربى فما طلب المبعوث أجرا على الهدى * بتبليغه إلا المودة في القربى (الصواعق المحرقة: ١٦٨).
ومن أبيات لأبي نؤاس (الحسن بن هاني):
مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا (ينابيع المودة: ١ / ٤ المقدمة ط ٧ قم).
وفسر الإمام الحسن (عليه السلام) قوله تعالى: (من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) الشورى: ٢٣ قال: إن اقتراف الحسنة هو مودتهم (عليهم السلام). (مقاتل الطالبيين: ٥٢، ذخائر العقبى: ١٣٨).
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في تفسير (إن الله ومللكته يصلون على النبي) قال: الصلاة من الله عزوجل رحمة للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن الملائكة تزكية ومدحهم له، ومن المؤمنين دعاء منهم له. (ينابيع المودة:
١ / ٦).
وعن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (سلم على إل ياسين). قال: حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ياسين محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن آل ياسين. (المصدر السابق).
وعن مجاهد وأبي صالح عن ابن عباس قال: آل ياسين آل محمد، وياسين اسم من أسماء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). (المصدر السابق: ١ / ٨، وانظر الفخر الرازي في تفسيره: ٢٧ / ١٦٦، نظم درر السمطين للزرندي: 111، الصبان في إسعاف الراغبين: 116).
فمن هذه الدلائل وغيرها ثبت أنه (صلى الله عليه وآله) أدخل نفسه في آله، فمن صلى أو سلم على آله كأنه صلى وسلم عليه، لأنه منهم وهم منه، ومن صلى أو سلم عليه بضم آله فقد أكمل الصلاة والسلام عليه.