الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٨٩
رباه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأزلفه وهداه إلى مكارم الأخلاق والفقه (1)، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل بدء أمره إذا أراد الصلاة خرج إلى شعاب مكة مستخفيا وأخرج عليا معه فيصليان ما شاء الله، فإذا قضيا رجعا إلى مكانهما (2).
ونقل يحيى بن عفيف الكندي قال: حدثني أبي قال: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب بمكة بالمسجد قبل أن يظهر أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجاء شاب فنظر إلى السماء حين حلقت الشمس ثم استقبل الكعبة فقام يصلي، فجاء غلام فقام عن يمينه، ثم جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة، ثم رفع فرفعا، ثم سجد فسجدا، فقلت: يا عباس أمر عظيم فقال العباس: أتعرف (3) هذا الشاب؟ فقلت: لا، فقال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي، أتدري من هذا الغلام؟ هذا علي بن أبي طالب ابن أخي، أتدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد، إن ابن أخي هذا حدثني أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين وهو عليه، ولا والله على ظهر الأرض اليوم على هذا الدين غير هؤلاء.
وكان عفيف يقول لي بعد أن أسلم ورسخ في الإسلام: ليتني كنت رابعا لهم (4).

(١) في (ج): ثقفه.
(٢) ورد في كتاب الرياض النضرة: ٢ / ١٥٩ عن ابن إسحاق هكذا: كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب (عليه السلام) مستخفيا من عمه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا. وذكر صاحب كتاب الجوهرة: ١٢ تحقيق الدكتور محمد التونجي مثله وزيادة: فمكثا كذلك ما شاء الله تعالى أن يمكثا. ومثله في كتاب مطالب السؤول لمحمد بن طلحة الشافعي.
(٣) في (أ): أتعرب، وهو اشتباه. و عبارة " أمر عظيم " مكررة مرتين في نسخة (ج).
(٤) حديث يحيى بن عفيف الكندي روي بطرق متعددة وبصور مختلفة، ولكن من خلال تتبع المصادر التاريخية والحديثية والروائية نجدها تؤدي نفس المعنى والمضمون بل بعضها يتطابق تماما في اللفظ.
ولو أسردناها جميعا لأخذت منا الوقت الكثير والصفحات الكثيرة ولسنا بصدد ذلك. بل نشير إلى بعضها إشارة واضحة، فمن أراد ذلك فليراجع المصادر التالية:
مسند أحمد بن حنبل: ١ / ٢٩٠ و ٢٠٩ في ط أخرى، و: ٢٥ / ٢٦، و: ٤ / ٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٤٠، المناقب لأحمد بن حنبل: ١٨ و ٢٥، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ١١٣ / ١٢٥ تحقيق المحمودي، مناقب الخوارزمي: ١٩٨ الفصل ١٧، خصائص الوحي المبين لابن البطريق: ٢١٥ الطبعة الثانية، وفي الطبعة الأولى: ص ١٣٦، كشف الغمة للإربلي: ١ / ٣٢٥، تفسير الحبري: ٤ ح ٥. ورواه عنه فرات الكوفي في تفسيره: ٤ / ١٣، النسائي في الخصائص: ٤٤ ح ٥، و: ٣ في طبعة أخرى.
ورواه العقيلي في ترجمة أسد بن عبد الله وإسماعيل بن أياس: ١ / ٥ و ١٦، مجمع الزوائد: ٩ / ١٠٣ و ٢٢٢، لسان الميزان: ١ / ٣٩٥، الكامل لابن عدي: ١ / ١٤٢ و ١٥٠، و: ٢ / ٥٧ في ترجمة أسد بن عبد الله البجلي وأياس بن عفيف الكندي، تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام علي (عليه السلام):
١ / ٥٧ / ٩٣ و ٩٥، الطبقات الكبرى لابن سعد: ٨ / ١٧ و ١٠ الطبعة الأولى بيروت في ترجمة خديجة، معجم الصحابة: ٥ / ١٣٥، تاريخ الطبري: ٢ / ٣١٢، وفي طبعة أخرى: ٥٦ و ٥٧، وفي الطبعة الأولى:
١١٦٢، مستدرك الصحيحين: ٣ / ١٨٣، الإصابة لابن حجر: ٤ / ٢٤٨ القسم الأول، الاستيعاب لابن عبد البر: ٢ / ٤٥٨ و ٥١١، كنز العمال: ٦ / ٣٩١، و: ٧ / ٥٦.
وانظر أيضا أسد الغابة: ٣ / ٤١٤، وذكره النسائي في صحيحه: ١ / ١٦٤ و ١٦٧، صحيح أبي داود:
٥ / ٨٤، فتح الباري في شرح البخاري: ٢ / ٤١٣، الجوهرة في نسب الإمام علي (عليه السلام) للتلمساني البري:
ورقة ١ مخطوط، شرح النهج لابن أبي الحديد: ٤ / ١١٩، و: ١٣ / ٢٢٥، الاستيعاب بهامش الإصابة:
٣
/ ٣٢، المناقب لابن شهرآشوب: ٢ / ١٨ الإرشاد للشيخ المفيد: ١٣٠ فصل ١ باب ٢، كنز الفوائد:
١
/ ٢٦٤ ط دار الذخائر، ينابيع المودة: ١ / ٤٥٤ تحقيق علي جمال أشرف، و: ٢ / ١٤٧ الهامش رقم (٤) نقلا عن ذخائر العقبى: ٥٩ باب فضل علي (عليه السلام).
وروى الثعلبي على ما في عمدة ابن البطريق: ٦٣ عن إسماعيل بن أياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف، قال: كنت امرء تاجرا فقدمت مكة أيام الحج، فنزلت على العباس بن عبد المطلب، وكان العباس لي صديقا، وكان يختلف إلى اليمن، يشتري العطر فيبيعه أيام الموسم، فبينما أنا والعباس بمنى، إذ جاء رجل شاب حين حلقت الشمس في السماء، فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل الكعبة فقام مستقبلها، فلم يلبث حتى جاء غلام، فقام عن يمينه، فلم يلبث ان جاءت امرأة فقامت خلفه، فركع الشاب وركع الغلام والمرأة فخر الشاب ساجدا، فسجدا معه، فرفع الشاب، فرفع الغلام والمرأة، فقلت: يا عباس، أمر عظيم! فقال: أمر عظيم، فقلت: ويحك ما هذا؟
فقال: هذا ابن أخي، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، يزعم أن الله بعثه رسولا وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح على يديه، وهذا الغلام ابن أخي علي بن أبي طالب، وهذه خديجة بنت خويلد زوجته، تابعاه على دينه، وأيم الله ما على ظهر الأرض كلها أحد على هذا الدين غير هؤلاء. قال عفيف الكندي: ما أسلم ورسخ الإسلام في قلبه غيرهم، يا ليتني كنت لهم رابعا. هذه صورة ومثلها في الكامل لابن الأثير: ٢ / ٥٧.
وصورة ثانية كما ذكر صاحب ذخائر العقبى: ٥٩ عن عفيف الكندي قال: كنت تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة وكان امرء تاجرا، قال: فوالله إني عنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى السماء فلما رآها قام يصلي، ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفه فصلت، ثم خرج غلام قد راهق فقام معه يصلي. قال: فقلت للعباس يا عباس من هذا؟
قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قال: فقلت: من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد. قال: فقلت: من هذا الفتى؟ قال: هذا ابن عمه علي بن أبي طالب. قال: قلت: ما الذي يصنع؟ قال: يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه أحد على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى، وهو يزعم أنه ستفتح له كنوز كسرى وقيصر...
وصورة ثالثة رواها ابن أبي الحديد في شرح النهج: ٤ / ١١٩ عن إسماعيل بن أياس عفيف الكندي عن أبيه، عن جده، قال: كنت امرء تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة وكان امرء تاجرا، فوالله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه، فنظر إلى الشمس، فلما رآها قد مالت قام يصلي، ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل، فقامت خلفه تصلي، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلي.
فقلت للعباس: ما هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد المطلب ابن أخي، قلنا: من هذه المرأة؟
قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد، قلت: ما هذا الفتى؟ قال: علي بن أبي طالب ابن عمه، قلت: ما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي، وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الغلام، وهو يزعم أنه سيفتح على أمته كنوز كسرى.
قال: فكان عفيف الكندي يقول: وقد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه: لو كان الله رزقني الإسلام يؤمئذ كنت أكون ثانيا مع علي (عليه السلام). وورد مثله في الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة: ٣ / 32، وتاريخ
(١٨٩)
مفاتيح البحث: مكارم الأخلاق (1)، أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (4)، علي بن أبي طالب (4)، محمد بن عبد الله (3)، الصّلاة (3)، السجود (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الكامل لإبن الأثير (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب أسد الغابة لإبن الأثير (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، كتاب خصائص الوحي المبين للحافظ ابن البطريق (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب ذخائر العقبى (2)، كتاب الطبقات الكبرى لإبن سعد (1)، كتاب فتح الباري (1)، مدينة بيروت (1)، إبن عساكر (1)، العباس بن عبد المطلب (3)، كتاب تاريخ الطبري (1)، محمد بن عبد المطلب (1)، ابن شهرآشوب (1)، ابن البطريق (2)، أحمد بن حنبل (1)، محمد بن طلحة (1)، الخوارزمي (1)، الثعلبي (1)، دمشق (1)، الحج (2)، الزوجة (1)، البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 182 186 187 188 189 189 195 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649