الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٨٢
يزل علي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بعث (1) الله عزوجل محمدا نبيا فاتبعه علي (عليه السلام) وآمن به وصدقه، وكان عمره إذ ذاك في السنة الثالثة عشر من عمره ولم يبلغ الحلم، وقيل غير ذلك (2)، وأكثر الأقوال وأشهرها أنه لم يبلغ الحلم (3).
(١) وفي (ج): بعثه.
(٢) الكامل في التاريخ لابن الأثير: ٢ / ٥٨، تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧، شرح النهج لابن أبي الحديد:
١٣ / ١٩٨، ينابيع المودة: ٣٠٢، كشف الغمة: ١ / ١٠٤، كنز الفوائد للكراجكي: ٢٥٥، وانظر مستدرك الصحيحين: ٣ / ٥٧٦.
قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة: ٢ / ٥٠١: ولد علي (عليه السلام) قبل البعثة بعشر سنين، فربي في حجر النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يفارقه، وشهد معه من المشاهد إلا غزوة تبوك. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج:
١٣ / ١٩٨: والقرابة القريبة بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون غيره من الأعمام كونه رباه في حجره، ثم حامى عنه ونصره عند اظهار الدعوة دون غيره من بني هاشم، ثم ما كان بينهما من المصاهرة التي أفضت إلى النسل الأطهر دون غيره من الأصهار. وروى الطبري في تاريخه: ٢ / ٥٧: أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للعباس - وكان من أيسر بني هاشم -: يا عباس: إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة...
ونقل العلامة المجلسي; ما روي عن أبي رافع من ثلاثة طرق أن النبي (صلى الله عليه وآله) حين تزوج خديجة قال لعمه أبي طالب: إني أحب أن تدفع إلي بعض ولدك، يعينني على أمري، ويكفيني، وأشكر لك بلاءك عندي، فقال أبو طالب: خذ أيهم شئت، فأخذ عليا (عليه السلام)، فمن استقى عروقه من منبع النبوة ورضعت شجرته ثدي الرسالة وتهدلت أغصانه عن نبعة الإمامة ونشأ في دار الوحي وربي في بيت التنزيل ولم يفارق النبي (صلى الله عليه وآله) في حال حياته إلى حال وفاته لا يقاس بسائر الناس. (البحار: ٣٨ / ٢٩٥).
وهو (عليه السلام) القائل في خطبة القاصعة: ولقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه، ويمسنى جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه... وقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به. (انظر الخطبة رقم ٢٣٤ من شرح النهج للسيد علي نقي فيض الإسلام: ٨٠٢).
وقال العلامة الكراجكي: وكان (صلى الله عليه وآله) يلي أكثر تربيته (عليه السلام) ويراعيه في نومه ويقظته، ويحمله على صدره وكتفه، ويحبوه بألطافه و تحفه، ويقول: هذا أخي وسيفي وناصري، ووصيي. (كنز الفوائد: ١ / ٢٢٥).
(٣) روي الحديث في الكامل لابن عدي: ٥ / ١١٨٢٩ ط بيروت في حديث طويل عن علي بن أبي رافع قال: أتيت أبا ذر أودعه، فقال: إنه ستكون فتنة، ولا أراكم إلا إنكم ستدركونها، عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنت أول من آمن بي... ورواه العلامة النقيب أبو جعفر الإسكافي البغدادي في رسالة النقض على العثمانية: ٢٩٠ دار الكتب مصر. ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين: ١ / ٣٩ عن أبي سخيلة قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي أول من آمن بي.
ورواه أيضا الهيتمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١٠٥ عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي وقال الهيتمي: رواه الطبراني والبزار.
ورواه ابن أبي الحديد في الشرح: ١٣ / ٢٢٨ وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان: ٣ / ٣ ٣٨ عن عبد الله بن عباس. ورواه أيضا الشيخ جمال الدينمحمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بحسنويه في در بحر المناقب: ٩٩ مخطوط عن أبي ذر وسلمان والمقداد في حديث طويل قالوا: إننا سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ان عليا مع الحق والحق معه... فإنه أول من آمن بي.
ورواه أيضا الترمذي وأبو حنيفة والحاكم في المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٣٦ والبيهقي والطبري في تاريخه: ٣ / ٤٢٠، وابن هشام، وابن الأثير وابن كثير، وابن عبد البر وابن حجر العسقلاني في صواعقه: ٧٢ والخطيب، وابن سعد وأبو نعيموالزمخشري، والسيوطي، والمناوي عن عدة كبيرة من الأصحاب. بل قال ابن حجر المكي: نقل بعضهم الإجماع عليه. (انظر الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الامامية للسيد علي الحسيني الميلاني: ٢٦٩ منشورات الشريف الرضي الطبعة الأولى قم). ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: ٣٧٣ ط الحجري، و: ١ / ٨٤ ط الحلبي.
وفي كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن المطهر الحلي: ٢٤ تحقيق حسين الدرگاهي قال (صلى الله عليه وآله): إن علي بن أبي طالب أول الناس إيمانا. ومن كتاب المناقب لأبي المؤيد الخوارزمي: ١٧ عن سلمان قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول:... أولهم إسلاما [ايمانا] وهو علي بن أبي طالب. وفي كتاب مسند أحمد: ١ / ٣٣٠ عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط - إلى أن قال (صلى الله عليه وآله) -:
وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة. وفي كتاب المناقبلابن شهرآشوب: ٢ / ٤ و ٩ قال: استفاضت الرواية أن أول من أسلم علي (عليه السلام) ثم خديجة. لكن يستفاد من بعض الروايات أن أول من أسلمت هي خديجة ثم أسلم علي (عليه السلام) كما ورد في أنساب الصحابة عن الطبري وغيره، ويمكن حمل كلام ابن شهرآشوب أن أول من أسلم من الرجال علي (عليه السلام) وأول من أسلم من النساء خديجة رضي الله عنها.
وروى شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن ليلى الغفارية قالت: كنت أغزو مع النبي (صلى الله عليه وآله) فأداوى الجرحى وأقوم على المرضى، فلما خرج علي (عليه السلام) إلى البصرة خرجت معه، فلما رأيت عائشة أتيتها فقلت لها: هل سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضيلة في علي؟ قالت: نعم، دخل علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو معي وعليه جرد قطيفة - إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): - فإنه أول الناس إسلاما. (وانظر تاريخ الطبري: ٢ / 55). وذكر الجويني في فرائد السمطين: 1 / 140 ح 103 عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فقال: إن هذا أول من آمن بي... وفي تفسير ابن الحجام لقوله تعالى (ومن يطع الله والرسول فأولآك مع الذين أنعم الله عليهم) النساء: 69 في حديث طويل قال (صلى الله عليه وآله): إن الله قد أنزل بيان