الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٥٥
٢٧ / ١٦٦ ط عبد الرحمن محمد، ورواه ابن مردويه كما رواه عنه السيوطي في: ١٥ / ٢٤ من كتاب جمع الجوامع: ٢ / ١٩٤، رواه الدولابي في الذرية الطاهرة: ٢٢ / ١١٨، مقاتل الطالبيين: ٥٧، ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)، ورواه البلاذري من كتابه أنساب الأشراف: ٢ / ٧٩ و ٧٥٤ / ٣٦١، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي: ٨ ط طهران و ١ / ٢١ ط النجف، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي: ١ / ١ و ٥٧.
وانظر أيضا تفسير الطبري: ٢٥ / ٢٥ ط مصطفى الحلبي بمصر و ١٤ و ١٥ ط الميمنية بمصر، الإتحاف للشبراوي الشافعي: ٥ و ١٣، احياء الميتللسيوطي الشافعي بهامش الإتحاف: ١١٠، تفسير الكشاف للزمخشري: ٣ / ٤٠٢، و: ٤ / ٢٢٠ ط بيروت.
وإليك بعض ألفاظ الأحاديث التي نقلها المؤرخون على سبيل المثال لا الحصر. فقد روى الشيخ الطوسي في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنقول له: إن تعرك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك، فأتوه في ذلك فنزلت (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى) فقرأها عليهم وقال: تودون قرابتي من بعدي. فخرجوا من عنده مسلمين لقوله.
فقال المنافقون: إن هذا لشيء افتراه في مجلسه، أراد بذلك أن يذللنا لقرابته من بعده فنزلت (أم يقولون افترى على الله كذبا). فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم فأنزل الله (وهو الذى يقبل التوبة عن عباده). فأرسل في أثرهم فبشرهم وقال: (ويستجيب الذين آمنوا) وهم الذين سلموا لقوله. ثم قال سبحانه (ومن يقترف حسنة نزد لهو فيها حسنا) أي من فعل طاعة نزد له في تلك الطاعة حسنا بأن يوجب له الثواب (مجمع البيان: ٩ / ٢٩).
وروى الزمخشري في تفسيره: وقيل: أتت الأنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمال جمعوه وقالوا: يا رسول الله، خذ فالله هدانا بك، وأنت ابن أختنا، وتعروك نوائب وحقوق ومالك سعة فاستعن بهذا على ما ينوبك، فنزلت الآية (قل لا أسئلكم...) ورده - أي المال -. (الكشاف: ٣ / ٤٦٨).
وقال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم.
قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله (قل لا أسئلكم...) يعنى في أهل بيته. قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك، فأنزل الله (قل لا أسئلكم...) يعني في أهل بيته.
قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا، فقال: قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي.
وقالت طائفة: ما قال هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجحدوه وقالوا كما حكى الله (أم يقولون افترى على الله كذبا...) فقال الله: (فإن يشإ الله يختم على قلبك...) قال: لو افتريت (ويمح الله البطل...) يعنى يبطله (ويحق الحق بكلمته...) يعني بالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالائمة والقائم من آل محمد (إنه عليمم بذات الصدور) ثم قال: (وهو الذى يقبل التوبة عن عبادهى...) إلى أن قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت، فأنزل الله (قل لا أسئلكم...)، (تفسير القمي: ٢ / ٢٧٥).
ومثل ذلك في الكشاف للزمخشري: ٣ / ٤٦٧، وانظر تفسير الآيات ٢٤ - ٢٧ من سورة الشورى و ٢١ من سورة الرعد.
وقد أورد بعض النواصب والحاقدين والمأجورين: أن الاستثناء في الآية منقطع و المعنى يكون: لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا، لكن المودة في القربى حاصلة بيني وبينكم، ولذا أسعى وأجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم.
وقال البعض الآخر: الاستثناء متصل ولذا يكون المعنى: لا أسألكم عليه أجرا من الأجور إلا مودتكم في قرابتي، وهذا شامل لجميع قرابات النبي (صلى الله عليه وآله) ولو خصص بأهل البيت لا يدل على خلافة الإمام علي (عليه السلام) بل يدل على وجوب مودته. - انظر تفسير الكشاف للزمخشري: ٣ / ٤٦٦، الإحقاق:
٣ / ١٩ وغيرهما).
والجواب باختصار شديد لأننا لسنا بصدد المناقشة بل الفرض هو التحقيق وبيان بعض الملابسات:
١ - ان الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل، ولا يحمل على المنقطع إلا لتعذر المتصل، وقد صرح بذلك العضدي حيث قال: واعلم أن الحق إن المتصل أظهر فلا يكون مشتركا ولا للمشترك، بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع ولذلك لا يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلا عند تعذر المتصل، حتى عدلوا للحمل على المتصل عن الظاهر، وخالفوه، ومن ثم قالوا في قوله: له عندي مائة درهم إلا ثوبا، وله علي إبل إلا شاة، معناه إلا قيمة ثوب أو قيمة شاة، فيرتكبون الإضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متصلا، ولو كان في المنقطع ظاهرا لم يرتكبوا مخالفة ظاهر حذرا عنه، انتهى كلامه.
٢ - ودفع الايراد الثاني: ان كون ظاهر الآية على هذا المعنى شاملا لجميع قربات النبي (صلى الله عليه وآله) فمسلم لكن الحديث الصحيح الذي يبلغ حد التواتر خصصها بعلي وفاطمة وابنيهما (عليهم السلام) كما ذكرنا سابقا.
٣ - انه لا يدل على خلافة الإمام علي (عليه السلام) فهذا عناد وجهل أو تجاهل أن مودتهم واجبة حيث جعل الله تعالى أجر الرسالة بما يستحق به الثواب الدائم مودة ذوي القربى، وإنما تجب ذلك مع عصمتهم، إذ مع وقوع الخطأ منهم يجب ترك مودتهم لقوله تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوآدون من حآد الله ورسوله) المجادلة: ٢٢. وغير علي (عليه السلام) ليس بمعصوم بالاتفاق، فتعين أن يكون هو الإمام (عليه السلام). (انظر تفسير الميزان: ١٨ / 43 - 48، والإحقاق: 3 / 21).