الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٦٥
الفصل الأول في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (1)
(١) قال فيه عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي أبو عثمان الجاحظ (١٦٣ ه - ٢٥٥ ه) العدو اللدود للإمام علي (عليه السلام) كبير أئمة الأدب، ورئيس فرقة الجاحظية من المعتزلة، وصاحب التصانيف الكثيرة منها كتابه " الحيوان " في أربعة مجلدات و " البيان والتبيين " و " البخلاء " و " المحاسن والأضداد " وغير ذلك كما ذكر صاحب الأعلام الزركلي في ترجمته: ٥ / ٧٤ يقول الجاحظ.
لو أفردنا لفضائله - يعني علي (عليه السلام) - الشريفة ومقاماته الكريمة ودرجاته الرفيعة ومناقبه السنية لأفنينا في ذلك الطوامير والدفاتر العراض، العرق صحيح من آدم (عليه السلام) والنسب صريح، والمولد مكان معظم - داخل الكعبة - والمنشأ مبارك مكرم، والشأن عظيم، والعمل جسيم، والعلم كثير، وليس له نظير، والهمة عالية، والقوة كاملة، والبيان عجيب، واللسان خطيب، والصدر رحيب، فأخلاقه وفق أعراقه، وحديثه يشهد على تقديمه، ولا يسعني استقصاء جميع فضله، ويتعذر لنا تبيان كل حقه، وإذا كان كتبنا لا تحتمل تفسير جميع أمره ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله - إلى أن يقول: - الأب أبو طالب، والجد عبد المطلب، وأبو الجد هاشم بن عبد مناف بن قصي، والأم فاطمة بنت أسد بن هاشم، الأخ جعفر الطيار ذو الجناحين يطير مع الملائكة في الجنة، وعقيل الذي قال له النبي (صلى الله عليه وآله):
يا عقيل إني أحبك حبين: حبا لقرابتك، وحبا لحب عمي أبي طالب إياك، والأخت أم هاني التي خرج النبي (صلى الله عليه وآله) من بيتها إلى المسجد الأقصى إلى السماوات العلى، إلى سدرة المنتهى إلى قاب قوسين أو أدنى، والعم حمزة أسد الله وسيد الشهداء. ثم قال: والعمة صفية وعاتكة أسلمتا وهاجرتا إلى المدينة، وابن العم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والزوجة فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وأم الزوجةخديجة الكبرى سيدة نساء أهل الجنة، والولد الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة... وهو هاشمي ولد من هاشميين...
والأعمال التي يستحق بها الخير الكثير والثواب الكبير أربعة: السبق في الإسلام، والجهاد في الدين، ودفع الأعداء عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن الدين، والعلم الكثير، والفقه في أحكام الله وأسرار القرآن، والزهد في الدنيا وهي مجتمعة في علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ومتفرقة في غيره... (انظر رسالة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في غاية المرام والتي نقلها على ما صرح به من كتاب كشف الغمة للإربلي:
١ / ٢٩، نهج الحق: ٢٥٣).
وها هو حديث تهنئة الشيخين رواه أئمة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنة كثير وخاصة عندما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيمة له (عليه السلام) وجلس هو في خيمة أخرى، وأمر إطباق الناس بأن يهنئوا عليا في خيمته، وممن هنأه من الصحابة عمر بن الخطاب فقال: هنيئا لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات. (انظر روضة الصفا للمؤرخ ابن خاوند شاه المتوفى سنة (٩٠٣ ه):
١ / ٢ / ١٧٣.
وأخرج الطبري في كتابه الولاية حديثا بإسناده عن زيد بن أرقم قال: لما نزل النبي (صلى الله عليه وآله)بغدير خم في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحى وحر شديد أمر بالدوحات فقممت ونادى الصلاة جامعة، فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ثم قال: إن الله تعالى أنزل إلي: بلغ ما أنزل إليك من ربك... إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): قولوا ما قلت لكم وسلموا على علي بإمرة المؤمنين... وفي مكان آخر قال (صلى الله عليه وآله): لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره، ثم رمفه إلى السماء حتى صارت رجله مع ركبة النبي (صلى الله عليه وآله). ولسنا بصدد بيان أن الإمام علي (عليه السلام) هو الذي اختص به لقب أمير المؤمنين بل للإشارة هنا في عنوان ابن الصباغ المالكي في قوله في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. نقول إن ابن الصباغ اعتمد على هذا الحديث وغيره، ولذا قال " أمير المؤمنين " فمن أراد فليراجع المصادر التالية على سبيل المثال لا الحصر، وقد أسهب في ذكر المصادر العلامة الأميني (رحمه الله) في كتابه الغدير وخاصة الجزء الأول منه: ٢١٤ و ٢١٦ ذكر نص كلام الحافظ محمد بن جرير الطبري.
وانظر حبيب السير للمؤرخ غياث الدين: ١ / ٣ / ١٤٤، ومسند أحمد بن حنبل: ٤ / ٢٨١، الصواعق لابن حجر: ٢٦، التمهيد في أصول الدين لأبي بكر الباقلاني: ١٧١، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري: ٢ / ١٦٩، حياة علي بن أبي طالب للشنقيطي: ٢٨، الملل و النحل المطبوع بهامش الفصل لابن حزم الظاهري: ١ / ٢٢٠، المناقبللخوارزمي الحنفي: ٩٤، التفسير الكبير لفخر الدين الرازي: ٣ / ٦٣٦ النهايةلابن الأثير الشيباني: ٤ / ٢٤٦. كفاية الطالب للحافظ الكنجي: ١٦، التذكرة لابن الجوزي الحنفي: ١٨، فرايد السمطينللجويني الباب الثالث عشر، مشكاة المصابيح لولي الدين الخطيب: ٥٥٧.
وانظر أيضا البداية والنهايةلابن كثير الشافعي: ٥ / ٢٠٩، خطط القريزي المصري: ٢ / ٢٢٣، بديع المعاني لنجم الدين الشافعي: ٧٥، كنز العمال: ٦ / ٣٩٧، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي الشافعي: ٢ / ١٧٣، المواهب اللدنية لشهاب الدين القسطلاني: ٢ / ١٣، المراجعات لشرف الدين:
تحقيق و تعليق حسين الراضي: ٣٠٦ وما بعدها المراجعة ٥٤ تحت عنوان شذره من شذور الغدير مع ملاحظة الهوامش.
وروى من طريق عائشة ومولاه - رافع - ما ذكره عثمان بن سعد عند ما جاء داق فدق الباب فخرجت إليه، فإذا جارية معها إناء مغطى فرجعت إلى عائشة فأخبرتها فقالت: أدخلها فدخلت فوضعت بين يدي عائشة الإناء، فوضعته عائشة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمد يده يأكل فقال: ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير أمتي يأكل معي، فقالت عائشة: من أمير المؤمنين خير أمتك؟ فسكت، ثم أعادها (صلى الله عليه وآله) فسألته، فسكت، فجاء جاء فدق الباب، فجئت إليه، فإذا علي (عليه السلام) فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته، فقال: أدخله ثم قال له: مرحبا وأهلا...
انظر كشف الغمة: ١ / ٣٤٣، بحار الأنوار: ٣٢ / ٢٨١ نقلا عن كشف اليقين للعلامة الحلي. وذكر ذلك أيضا ابن شاذان في مائة منقبة: ٧٥ المنقبة الثالثة والأربعون، وانظر ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ٢ / ٢٦٠ عن بريده قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نسلم على علي بإمرة أمير المؤمنين، ونحن تسعة، وقيل سبعة، وأنا أصغر القوم يومئذ. (انظر إحقاق الحق للتستري: ٤ / ٤٨٧، و: ١٥ / ٢٢٢. غاية المرام: ١٦ و ١٧ و ٢٦ باب ٨ و ٩ من المقصد الأول ح ١ و ٤ و ٦ و ١١ و ٣٠، إرشاد المفيد: ٤١ و ٤٢ فصل ٦ من الباب ٢ ح ٢ و ٤، المناقبلابن شهرآشوب: ٣ / ٥٣، البحار:
٩ / ٢٥٦ و ٢٩٥، و: ٣٥ / ٣٧، و: ٣٧ / ٣٠٠، تفسير العياشي: ٢ / ٤١، تفسير البرهان: ٢ / 50، إثبات الهداة: 3 / 545 ط القديمة.