العدد القوية - علي بن يوسف الحلي - الصفحة ٢٥٥
الذي شرفه فوق شرفه، وسلفه في الجاهلية أكرم من سلفه، لا تعرف الماديات في الجاهلية إلا بهم ولا الفضل إلا فيهم، صفة من اصطفاها الله واختارها.
فلا يغتر الجاهل بأنه قعد عن الخلافة بمثابرة من ثابر عليها، وجالد بها، والسلال المارقة، والأعوان الظالمة، ولئن قلتم ذلك كذلك إنما استحقها بالسبق تالله مالكم الحجة في ذلك، هلا سبق صاحبكم إلى المواضع الصعبة، والمنازل الشعبة والمعارك المرة، كما سبق إليها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، الذي لم يكن بالقبعة (1) ولا الهبعة (2)، ولا مضطغنا آل الله، ولا منافقا رسول الله.
كان يدرأ عن الإسلام كل أصبوحة، ويذب عنه كل أمسية ويلج في الليل الديجور المظلم الحلكوك (3)، مرصدا للعدو، هو ذل (4) تارة، وتضكضك (5) أخرى، ويا رب

(1) يقال: فبع القنفذ يقبع قبوعا أدخل رأسه في جلده، وكذلك الرجل إذا أدخل رأسه في قميصه، وامرأة قبعة طلعة تقبع مرة وتطلع أخرى، والقبعة أيضا طوير أبقع مثل العصفور يكون عنده حجرة الجرذان، فإذا فزع ورمى بحجر انقبع فيها - البحار.
(2) هبع هبوعا مشى ومد عنقه. وكأن الأول كناية عن الجبن، والثاني عن الزهو والتبختر - البحار.
(3) الحلكوك بالضم والفتح: الأسود الشديد السواد - البحار.
(4) وهو ذل في مشيه: أسرع - البحار.
(5) والضكضكة: مشية في سرعة، وتضكضك انبسط وابتهج، والأخير أنسب - البحار.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست