الأشياء في مواضعها، لكنهم انتهزوا الفرصة، واقتحموا الغصة، وباؤا بالحسرة.
قال: فأربد وجه الوليد، وتغير لونه، وغص بريقه، وشرق بعبرته، كأنما فقئ (1)، في عينه حب المحض الحاذق، فأشار عليه بعض جلسائه بالانصراف، وهو لا يشك أنه مقتول به.
فخرج فوجد بعض الأعراب الداخلين، فقال له: هل لك أن تأخذ خلعتي الصفراء وآخذ خلعتك السوداء واجعل لك بعض الجائزة حظا؟ ففعل الرجل.
وخرج الأعرابي فاستوى عل راحلته، وغاص في صحرائه، وتوغل في بيدائه، واعتقل الرجل الآخر فضرب عنقه، وجئ به إلى الوليد، فقال: ليس هو هذا بل صاحبنا، وأنفذ الخيل السراع في طلبه، فلحقوه بعد لأي (2).
فلما أحس بهم أدخل يده إلى كنانته يخرج سهما سهما يقتل، به فارسا، إلى أن قتل من القوم أربعين وانهزم الباقون، فجاؤوا إلى الوليد، فأخبروه بذلك، فأغمي عليه يوما وليلة أجمع، قالوا: ما تجد؟ قال: أجد على قلبي غمة كالجبل من فوت هذا الأعرابي، فلله دره (3).
70 - وقد كان وضع سور الحلة السيفية حادي عشرين رمضان سنة خمسمائة وقيل: سنة إحدى وخمسمائة، نزل سيف الدولة صدقة بن منصور بن علي بن