قال: نعم أيها الملك كل آبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء.
فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك، ثم أجلسه سريره، وقال لسائس فيله الأعظم - وكان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الدر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الأرض - ايتني به.
فجاء به سائسه وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ولم يكن سجد لملكه، وأطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على المطلب، وقال بلسان فصيح: يا نور خير البرية، وصاحب البيت والسقاية، ويا جد سيد المرسلين السلام على النور الذي في ظهرك، يا عبد المطلب معك العز والشرف، لن تذل ولن تغلب أبدا، فلما رأى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه.
ثم قال: لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت؟
وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة.
فقال له عبد المطلب: إن أصحابك عدوا على سرح لي. فذهبوا به، فمرهم برده علي.
قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني جئتني تسألني في سرحك، وأنا قد جئت لهدم شرفك، وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك.
فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من