وقال ميسرة: يا محمد لقد اجتزنا في ليلة عقبات كنا نجوزها بأيام كثيرة وربحنا في هذه السفرة ما لم نربح في أربعين سنة ببركتك يا محمد، فاستقبل خديجة وبشرها بربحها، وكانت حينئذ جالسة على منظرة لها، وهو يوم صائف ينتظر ميسرة، إذ طلع رجل من عقبة المدينة، والسماء ليس فيها سحاب إلا قطعة قدر ما يظل ذلك الرجل.
فلما رأته قد طلع من العقبة، رأت على رأسه سحابة وعلى يمينه ملكا مصليا سيفه، وفي السحابة قنديل معلق من زبرجدة خضراء وحوله قبة من ياقوتة حمراء فقالت: إن كان ما يقول اليهودي حقا، فما ذلك الرجل إلا هو. وقالت: اللهم إلي وإلى داري.
فلما أتى كان محمدا (صلى الله عليه وآله)، فبشرها بالأرباح، فقالت: فأين ميسرة؟ قال:
يقفو على أثري.
قالت: فارجع إليه وكن معه، ومقصودها لتتيقن حال السحابة، فرجعت السحابة معه، فأقبل ميسرة إلى خديجة وأخبرها بحاله، وقال لها: إني كنت آكل معه حتى نشبع ويبقى الطعام كما هو، وكنت أرى وقت الهاجرة ملكين يظلانه.
فدعت خديجة بطبق عليه رطب، ودعت رجالا ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأكلوا حتى شبعوا ولم ينقص شيئا، فأعتقت ميسرة وأولاده، وأعطته عشرة آلاف درهم لتلك البشارة، ورتبت الخطبة من عمرو بن أسد عمها (1).
57 - وقال النسوي في تاريخه: أنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) يومئذ خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام، فحضر أبو طالب ومعه بنو هاشم ورؤساء مضر، فخطب أبو طالب وقال: