فلم يزل يقبل رجليه مرة ويديه مرة ويقول: لئن أدركت زمانك لأضربن بين يديك بالسيف ضرب الزند بالزند. أنت سيد ولد آدم. وسيد المرسلين.
وإمام المتقين. وخاتم النبيين، والله لقد بكت له البيع والأصنام والشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة. وأنت دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى. أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية.
قال لأبي طالب: أرى لك أن ترده إلى بلدة عن هذا، الوجه فإنه ما بقي على وجه الأرض يهودي ولا نصراني ولا صاحب كتاب إلا وقد علم بولادة هذا الغلام ولئن عرفوا منه ما عرفت أنا منه لاتبعوه سرا (1) أكثر ذلك من هؤلاء اليهود.
فقال أبو طالب: ولم ذاك؟
قال: لأنه كائن لابن أخيك هذا النبوة والرسالة، ويأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى بن عمران وعيسى بن مريم.
قال أبو طالب: كلا لم يكن الله ليضيعه (2).
44 - حدث خالد بن أسيد بن أبي العاص وطليق بن أبي سفيان بن أمية، أنهما كانا مع النبي (صلى الله عليه وآله) قالا: لما قربنا من الشام رأينا والله قصور الشامات كلها قد اهتزت وعلا منها نور أعظم من نور الشمس، فلما توسطنا الشام ما قدرنا أن نجوز السوق من ازدحام الناس ينظرون إلى وجه النبي (صلى الله عليه وآله).
فجاء حبر عظيم اسمه (نسطور) فجلس بحذائه ينظر إليه، فقال: لأبي طالب ما اسمه؟ قال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فتغير لونه.
ثم قال: اكشف ظهره، فلما كشفه رأى الخاتم فانكب عليه يقبله ويبكي وقال: أسرع برده إلى موضعه، فما أكثر عدوه في أرضنا، فلم يزل يتعاهده في