الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ٨٧
وكم كسرت جيشا لكسرى وقصرت * يدي قيصر تلك القنان الشناخيب (1) وكم من عميد بات وهو عميدها * ومن حرب أضحى بها وهو محروب (2) وأرعن موار ألم بمورها * فلم يغن فيها جر مجر وتكتيب (3) ولا حام خوفا للعدى ذلك الحمى * ولا لأب شوقا للردى ذلك اللوب (4)

1 كسرى بفتح الكاف وكسرها ملك الفرس وقيصر ملك الروم. والقنان جمع قنة وهي أعلى الجبل والشناخيب جمع شنخوب وشنخوبة وهي رؤوس الجبال شبه الحصون بالجبال والمعنى ظاهر.
2 عميد القوم وعمودهم سيدهم والعميد الثاني الذي هده المرض وهو العمود أيضا. والحرب بكسر الراء الذي اشتد غضبه المحروب المسلوب يقال حرب الرجل ماله فهو محروب وحريب يقول كم من سيد رام فتح هذه الحصون فقهرته وأمرضته وكم من شجاع قد اشتد غضبه حنقا وحمية فاضحي مسلوب المال وذلك لما فيها من المنعة والقوة.
3 الأرعن الجيش، مشتق من الرعن وهو أنف الجبل المتقدم ويجمع على رعون ورعان وقيل الجيش الأرعن هو المضطرب لكثرته والموار المضطرب يقال مار الشئ يمور مورا إذا تحرك وذهب وجاء. وألم نزل، والالمام النزول والمور الطريق هنا وبضم الميم الغبار. ويغن وينفع والمجر الجيش الكثير وجره ثقل سيره يقال جيش جرار أي ثقيل السير لكثرته. والتكتيب تعبية الجيش كتيبة كتيبة يقول كم جيش هذه صفته نزل بهذه الحصون فلم تغن فيها كثرته ولا أثرت بها سطوته.
4 حام الطائر وغيره حول الماء يحوم حوما وحومانا أي دار ولاب عطش واللوب واللاب جمع لوبة ولابة وهي الحرة أي الأرض التي بها حجار سوداء، والمعنى أنها لم تضطرب حماها لأجل خوف الردى ولا عطشت أرضها لانجذابها إلى الهلاك بل هي آمنة ساكنة، وأصل الشوق منازعة النفس وانجذابها إلى الشئ ذلك اللوب للانجذاب إلى الهلاك والإشراف عليه، والغالب على المشرف على الهلاك أن يتعطش فلذا نفاه كناية عن نفي الهلاك.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست