الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٢٣
هو النبأ المكنون والجوهر الذي * تجسد من نور من القدس زاهر (1) وذو المعجزات الواضحات أقلها * الظهور على مستودعات السرائر (2) ووارث علم المصطفى وشقيقه * أخا ونظيرا في العلى والأواصر (3)

1 النبأ هو الخبر والمكنون المستور كأنه خبر من الله لا يعلم سر فضله إلا هو والجوهر يريد به هنا الأصل وتجسد صور وزاهر فضله مشرق روى الخوارزمي بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله تعالى أدم سلك ذلك النور في صلبه ولم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب ثم أخرجه من صلب عبد المطلب وقسمه قسمين قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب أبي طالب فعلي مني وأنا منه، فهذا معنى قوله تجسد من نور من القدس زاهر أي صار ذلك النور جسدا.
2 أما معجزاته وكراماته وعلمه بالمخفيات فأشهر من الشمس وأبين من فلق الصبح ومن ذلك كشفه قليب الماء الذي عند الراهب وسيأتي ذكره ومنه ما روي أنه كان جالسا في مسجد الكوفة في جماعة فيهم عمرو بن حريث فأقبلت امرأة متخمرة لا تعرف فوقفت وقالت لعلي عليه السلام يا من قتل الرجال وسفك الدماء وأيتم الأطفال وأرمل النساء فقال عليه السلام وإنها لهي السلقلق الجلقة المجعة وأنها لهي هذه شبيه الرجال والنساء التي ما رأت دما قط قال فولت هاربة منكسة رأسها فتبعها عمرو ابن حريث وقال لها والله لقد سررت بما كان منك وأدخلها داره وأمر جواريه أن ينزعن ثيابها لينظر إليها فبكت وسألته أن لا يكشفها وقالت أنا والله كما قال لي ركب النساء وأنثياء الرجال وما رأيت دما قط قال فتركتها، والسلقلق السليطة وأصله من السلق وهو الذئب والجلعة الجعة الفاحشة اللسان والركب منبت العانة.
3 الشقيق الأخ والأواصر جمع آصرة وهي القرابة وكلما يعطف على الانسان من رحم أو صهر أو معروف يعني أنه عليه السلام اشتق من النبي صلى الله عليه وآله فماثلة في علاه وخلائقه الكريمة التي تعطف الناس عليه.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست