الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٢٧
ولا تحسبن البرق نارا فإنه * وميض أتى من ذي الفقار بفاقر ولا تحسبن المزن تهمي فإنها * أنامله تهمي بأوطف هامر تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب * بمدحك بين الناس أقصر قاصر صفاتك أسماء وذاتك جوهر * برئ المعاني من صفات الجواهر (1)

1 قوله صفاتك أسماء أي لازمة لك كلزوم الاسم مسماه. وقوله وذاتك جوهر البيت يريد بالصفات ما ذكره في البيت الثاني وهو الإعراض والأين والمتى إذ كل جسم لا ينفك منها فهذه الصفات فيه أجل منها في غيره أما الأعراض فإنه عليه السلام لا يحزن كغيره على فوات أطماع الدنيا ولا يفرح بما أوتي منها ولا يحل به خوف عند منازلة الأقران ولا غير ذلك من أعراض الدنيا بل كل ما يعرض له فإنه في ذات الله تعالى وأما الأين فهو المكان فليس مكانه كمكان الغير لأن مكان علي عليه السلام أما محراب صلاة أو معركة جهاد أو سعي في سبيل الله، وأما المتى وهو الزمان فلا نسبة بين زمانه وزمان الغير وكيف وزمانه لا ينقطع إلا في سبيل الله مصليا أو صائما أو قائما أو داعيا أو مجاهدا لأن ما يلزم في المكان من الطاعات يلزم مثله في الزمان ففضله على غيره في هذه الصفات ظاهر هذا إذا حملنا الكلام على الحقيقة وأما إن حملنا معنى البيتين على المجاز والمبالغة فتأويله تأويل قول الله عز وجل على لسان الصادق المختار صلوات الله عليه ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته والله تعالى لا يتردد، وتأويله لو كنت ممن يتردد لترددت، ونظير هذا كثير في كلام العرب نظما ونثرا، وأما قوله فيكبر عن تشبيهه بالعناصر فهذا واضح لأنه مخلوق من نور.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست