عنك ما تكره، فجلس فقرا عليه سوره، فاسلم أسيد، ثم رجع إلى سعد بن معاذ، فلما نظر إليه سعد قال: أقسم ان أسيدا رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا، واتاهم سعد فقرا عليه أسعد: " حم تنزيل من الرحمن الرحيم " فلما سمع بعث إلى منزله واتى بثوبين طاهرين، واغتسل وشهد الشهادتين، وصلى ركعتين، ثم قام واخذ بيد مصعب وحوله إليه وقال: أظهر امرك ولا تهابن أحدا.
ثم صاح لا يبقين رجل ولا امرأة الا خرج، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب، فلما اجتمعوا قال: كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا، ولا نرد لك أمرا، فقال، كلام رجالكم ونساؤكم على حرام حتى تشهدوا ان لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، و الحمد لله الذي أكرمنا بذلك، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به، وشاع الاسلام بالمدينة و دخل فيه من البطنين أشرافهم.
وكتب مصعب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فكل من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه وعذبوه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرهم ان يخرجوا إلى المدينة، فيصيرون إليها فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ويواسونهم (1).
442 - ثم إن الأوس والخزرج قدموا مكة، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: تمنعون جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم وثوابكم على الله الجنة، قالوا: نعم قال: موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق، فلما حجوا رجعوا إلى منى، فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: تمنعوني بما تمنعون به أنفسكم؟ قالوا: فما لنا على ذلك؟ قال: الجنة، قالوا:
رضينا دماؤنا بدمك وأنفسنا بنفسك، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخرجوا إلى منكم اثنى عشر نقيبا يكونون عليكم بذلك، كما اخذ موسى من بني إسرائيل اثنى عشر نقيبا، فقالوا: اختر من شئت، فأشار جبرئيل إليهم فقال:
هذا نقيب وهذا نقيب (2) حتى اختار تسعه من الخزرج، وهم: أسعد بن زرارة والبراء بن