رجعا إلى رسول الله، فقال حاطب: يا رسول الله ما شككت، ولكن أهلي بمكة، فأردت ان تحفظني قريش فيهم، ثم أخرجه عن المسجد فجعل الناس يدفعون في ظهره وهو يلتفت إلى رسول الله، فامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برده وقال: عفوت عنك، فاستغفر ربك ولا تعد لمثله، فأنزل الله تعالى جل ذكره " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء " (1).
ثم خرج رسول الله، فاستخلف أبا لبابة على المدينة، وصام الناس حتى نزل على كراع الغميم، فامر بالافطار فأفطر الناس، وصام قوم فسموا العصاة، ثم سار حتى نزل بمر الظهران ومعه نحو عشره آلاف رجل، وقد عميت الاخبار عن قريش، فخرج أبو سفيان في تلك الليلة وحكيم بن حزام وبديل بن ورقا هل يسمعون خبرا؟
وقد كان العباس خرج يلتقي رسول الله وقد تلقاه بثنية العقاب، وقال العباس في نفسه هذا هلاك قريش ان دخلها رسول الله عنوه، قال: فركبت بغله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيضاء و خرجت اطلب الحطابة أو صاحب لبن لعلى آمره ان يأتي قريشا، فيركبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليستأمنوا إليه، إذ لقيت أبا سفيان (وبديل بن ورقا وحكيم بن حزام. و أبو سفيان) يقول (لبديل: ما) (2) هذه النيران؟ قال: هذه خزاعة قال: خزاعة أقل من هذا، ولكن لعل هذا تميم أو ربيعه، قال العباس: فعرفت صوت أبي سفيان، فقلت: أبا حنظلة قال: لبيك فمن أنت؟ قلت: انا العباس. قال: فما هذه النيران؟ قلت: هذه رسول الله في عشره آلاف من المسلمين، قال: فما الحيلة؟ قلت: تركب في عجز هذه البغلة، فاستأمن لك رسول الله.
فأردفته خلفي ثم جئت به، فقام بين يدي رسول الله، فقال: ويحك ما آن لك ان تشهد ان لا إله إلا الله، وإني رسول الله؟ فقال أبو سفيان: ما أكرمك وأوصلك واجلك، اما والله لو كان معه اله لاغنى يوم بدر ويوم أحد، واما انك رسول الله فان في نفسي منها شيئا، قال العباس: يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد انه رسول الله، فقال: فانى اشهد ان لا اله الا