أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود، قال: أين هو؟ قال: هو جالس في الحجر، فلا تكلمه، فإنه ساحر يسحرك بكلامه، قال أسعد: كيف اصنع وانا معتمر لا بد لي ان أطوف بالبيت؟ قال: ضع في اذنك القطن.
فدخل أسعد المسجد وقد حشا اذنيه القطن فطاف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحجر مع بنى هاشم، فنظر إليه نظره وجازه، فلما كان في الشوط الثاني رمى القطن وقال في نفسه:
لا أحد أجهل منى، فقال: أنعم صباحا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد أبدلنا الله أحسن (1) من هذا، تحية أهل الجنة: سلام عليكم، فقال: اشهد ان لا إله إلا الله، وانك رسول الله، انا من أهل يثرب من الخزرج، وبيننا وبين إخوتنا من الأوس حبال مقطوعه، فان وصلها الله بك، فلا أحد أعز منك، ومعي رجل من قومي فان دخل في هذا الامر أرجو ان يتم الله لنا أمورنا فيك، لقد كنا نسمع من اليهود خبرك وصفتك، وأرجو ان تكون دارنا دار هجرتك، فقد أعلمنا اليهود ذلك، فالحمد لله الذي ساقني إليك.
ثم اقبل ذكوان، فقال له أسعد: هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به وتخبرنا بصفته، فاسلم ذكوان وقالا: يا رسول الله ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن كثيرا، فبعث معهما مصعب، فنزل على أسعد، وأجاب من كل بطن الرجل والرجلان لما أخبروهم بخبر رسول الله وأمره.
وكان مصعب يخرج في كل يوم، فيطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الاسلام فيجيبه الاحداث، وقال سعد لمصعب: ان خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس، فان دخل في هذا الامر تم لنا أمرنا، فجاء مصعب مع أسعد إلى محله سعد بن معاذ، وقعد على بئر من آبارهم، واجتمع إليه قوم من احداثهم، وهو يقرا عليهم القرآن، فبلغ ذلك سعد بن معاذ، فقال لأسيد بن حصين - وكان من أشرافهم -: بلغني ان أسعد اتى محلتنا مع هذا القرشي يفسد شبابنا ائته وانهه عن ذلك، فاتى أسيد وقال لأسعد: يا أبا أمامة يقول لك خالك: لا تأتينا في نادينا ولا تفسد شبابنا.
فقال مصعب: أو تجلس فنعرض عليك أمرا؟ فان أحببته دخلت فيه، وان كرهته نحينا