أبو لهب.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج في كل يوم موسم فيدور على قبائل العرب، فيقول لهم:
تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم وثوابكم الجنة على الله، وأبو لهب في اثره فيقول: لا تقبلوا منه، فإنه ابن أخي وهو كذاب ساحر، فلم يزل هذا حالهم.
وبقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون الا من موسم إلى موسم، ولا يشترون ولا يبيعون الا في الموسم، وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنه: موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكان إذا اجتمعت المواسم يخرج بنو هاشم من الشعب، فيشترون و يبيعون، ثم لا يجسر أحد منهم ان يخرج إلى الموسم الثاني، وأصابهم الجهد وجاعوا، وبعث قريش إلى أبي طالب: ادفع إلينا محمدا نقتله ونملكك علينا، وقال أبو طالب رضي الله عنه:
قصيدته اللامية يقول فيها:
ولما رأيت القوم لا ود منهم (1) * وقد قطعوا كل العرى والوسائل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمه للأرامل كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نطاعن دونه ونقاتل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل وجدت بنفسي دونه وحميته * ودارات عنه بالذري والكواهل فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل فلما سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه، وكان أبو العاص بن الربيع وهو ختن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي بالعير بالليل عليها البر والتمر إلى باب الشعب، ثم يصح بها فتدخل الشعب فيأكله بنو هاشم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد صاهرنا أبو العباس فأحمدنا صهره.
ولما اتى أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الأرض، فلحست جميع ما فيها من قطيعه وظلم، وتركت: باسمك اللهم، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بذلك، فأخبر رسول الله أبا طالب، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ثم مشى حتى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه، فلما أبصروه قالوا: قد ضجر أبو طالب وجاء الان ليسلم ابن