الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١١١
يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشئ من أمرك قال فحد هاهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا ثم إن الحسين سار في أصحابه والحر يسايره) (الطبري 2 / 299 - 300) ولكنه لم يمنع الشيعة المخلصين القادمين من الكوفة من الانضمام إليه وهؤلاء أخبروا الحسين بالموقف في الكوفة فقالوا: (أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم: يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم فهم قلب واحد عليك. وأما سائر الناس فإن أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك) (الطبري 2 / 303).
واستمر الحسين في سيره مارا بعذيب الهجانات وقصر بني مقاتل حتى انتهى وصحبه إلى نينوى على الفرات. وهناك جاء رسول من عبيد الله بن زياد إلى الحر ابن يزيد ومعه كتاب من عبيد الله يقول فيه: (أما بعد! فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي: فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء) ففعل الحر كما أمره عبيد الله. فلم يكن مسموحا للحسين بالنزول في نينوى أو الغاضرية أو شفية. فقال زهير بن القين للحسين: (إن قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا بعدهم فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ما لا قبل لنا به. فقال له الحسين: ما كنت لأبدأهم بالقتال. فقال له زهير بن القين: سر بنا إلى هذه القرية حتى ننزلها فإنها حصينة وهي على شاطئ الفرات فإن منعونا قاتلناهم) (الطبري ص / 307 - 308) وكان اسم هذه القرية العقر فتشاءم الحسين من اسمها وقال: اللهم إني أعوذ بك من العقر. وبقي في موضع ليس فيه ماء غير بعيد من الفرات في سهل كربلاء (1). وكان ذلك - فيما يقول الطبري (2 / 308 س 7) في يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة 61 ه‍ (= يوم الثلاثاء الثاني من أكتوبر سنة 680 م).
فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف رجل وكان عبيد الله قد بعثه واليا علي الري ليحارب الديلم في دستبي ولهذا الغرض جمع جيشه هذا بيد أنه تلقى أمرا بالسير إلى الحسين حتى إذا فرغ

(1) من الغريب أن أبا مخنف لا يذكر هذا الاسم قارن (ص 546 س 4 ص 171 س 8).
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست