الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٦٦
جيشهم فاشترط شروطا أجيب إليها كلها. فنهض لقتال الأزارقة وطردهم من ناحية نهر دجلة ولكن لم يتعقبهم بل أقام أربعين يوما يجبي ما حواليه من كور في هذا الجانب من نهر دجلة إذ كان قد اشترط أن يحتفظ لنفسه وقومه بخراج البلاد التي يطهر العدو منها وذلك لعدة سنين. فلما توافر لديه المال جاءه الرجال. فمضى ناحية المشرق وطارد الأزارقة ببطء وفي أثناء ذلك ناله هزائم أليمة. فقد وقع أخوه المعارك بن أبي صفرة بين أيدي الأزارقة فقتلوه وصلبوه وجرت وقعة دامية بسولاف - على هذا الجانب من نهر دجيل - كان القتال فيها سجالا (1). بيد أن الاعداء (الأزارقة) استصوبوا الانسحاب عبر النهر.
تتبعهم المهلب فالتقى الفريقان في (سلى و) سلبري - شرقي نهر دجيل - في شوال سنة 66 ه‍ (مايو سنة 686) فانتصر المهلب انتصارا حاسما وهنا يستأنف أبو مخنف روايته ولكن بصورة مخالفة لروايات غيره بالرغم من اتفاقهم عرضا في جزئية غريبة. علي أنه يتبين أن الميزان ظل زمنا يترجح بين الناحيتين على نحو خطير. فقد فر بعض جنود الحكومة (وهم جنود أهل البصرة) ولم يتوقفوا إلا في البصرة وأنقذ المهلب وقومه من أزد عمان الموقف ونافسوا منافسيهم بني تميم الذين كانوا حتى ذلك الحين خير من أبلوا في قتال الأزارقة. وكانت الواقعة على هؤلاء الأخيرين شديدة والذين كانوا يقاتلون في خمسة مواضع أو ستة لم يجدوا في هذه المعركة إلا موضعا واحدا (إذ استقبلهم أصحاب المهلب بالحجارة يستعرضون بها أوجه الأزارقة فيرمونهم حتى يثخنوهم ثم يطعنونهم بعد ذلك بالرماح أو يضربونهم بالسيوف). وكان عبيد الله بن الماحوز نفسه من بين القتلى وكان قد انضم إلى الأزارقة عدد كبير من غير العرب ممن ولدوا في البلاد التي يقيمون بها ولعلهم إنما كانوا يقصدون من وراء انضمامهم إليهم أن يتخلصوا من مضطهديهم

(١) كان قائد تميم حينئذ حريش بن هلال راجع الفهرست الخاص بكتاب (الكامل) وفهرست (الكتاب المجهول المؤلف). ونعثر عليه قبل ذلك في خراسان (المدائني في رواية الطبري 2 / 595 وما يليها).
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست