ولكن عياشا تخلص من حلفائه المزعجين هؤلاء - فقد كانوا جميعا من الموالي - عن طريق قتلهم غدرا واغتيالا جبانا ولا شك أنه فعل ذلك بأمر صريح من سيده (ابن الزبير) الذي كان ينشد نظيره في القسوة والغدر وهي علاقة تكاد تكون من طرف واحد - نقول إنه جدد علاقته بابن الحنفية وعرض عليه أن يرسل إليه جنودا إلى المدينة لمحاربة ابن الزبير إذا أعلن صراحة تأييده للمختار ولكن المختار لم يتلق من ابن الحنفية غير جواب سلبي احتفظ به لنفسه كما هو مفهوم. ثم أصبح ابن الحنفية بعد ذلك في موقف حمله على إعلان تأييده للمختار بل ودعوته إليه لمساعدته. ذلك أنه حدث في أثناء الحج سنة 66 أن جاء ابن الحنفية إلى مكة (1) وهناك حاصره ابن الزبير في داخل الحرم هو ومن معه من أصحابه وهدده ابن الزبير بالموت إذا لم يبايع ابن الزبير في خلال مدة محددة. فلجأ ابن الحنفية إلى المختار واستطاع أن يبعث إليه برسالة يشرح له فيها ما وقع له وطلب منه النجدة. فقرأ المختار الرسالة علنا والسرور يغمره وأرسل في الحال جنودا متطوعين إلى المدينة (2).
وكان المائة وخمسون جنديا الأول كافين لانقاذ ابن الحنفية ولم يشأ هذا أن يجيبهم إلى طلبهم لما استأذنوه أن ينتقموا له من ابن الزبير أما ابن الزبير فكان في أول الأمر متعاليا ضخم الصوت ولكنه اضطر بعد ذلك أن يخفض صوته حينما توافدت أفواج من جنود المختار إلى مكة فوجا إثر فوج. وكان مجموع الذي جاءوا 4000 رجل فوزع ابن الحنفية عليهم المال الذي أتوا به إليه وعادوا أدراجهم.
وكان المختار قد سعى إلى فرصة تهئ له القتال ضد أهل الشام سعى إليها في بلاد العرب ولكنه وجدها - دون أن يتوقعها - في العراق. فعند نهاية سنة 66 ه مضى أهل الشام ناحية الدجلة بعد انتظار طويل بقيادة عبد الله بن زياد فبعث