الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٢٩
الصبح معهم وما كان إمام يحسن الوعظ مثله وكان في جيشه كثير من الموالي وكانوا له مخلصين كل الاخلاص.
وحشد الوالي أيضا رجاله خلال الليل وكان القائد في منطقة السبخة شبث بن ربعي ومعه يزيد بن رويم هزم فصيلة صغيرة أرسلت لمهاجمته ثم تقدم ناحية المختار. ولكن جيشه تراجع في البدء أمام العدو فصاح فيهم شبث بن ربعي:
(يا حماة السوء! بئس فرسان الحقائق أنتم! أمن عبيدكم تهربون!) (الطبري 2 / 623). وكان لهذا الكلام أثره فقد هز فيهم وتر الشرف وأثار فيهم الحفيظة على الموالي الذين كانوا يحاربون في صفوف المختار فكان إذا هوجم أحد الموالي سقط صريعا مقتولا (1) فبينما كان الاسرى العرب يتركون يفرون وأضحى جيش المختار في مركز حرج - وكان قائد فرسانه هو يزيد بن أنس الأسدي - بإزاء تفوق العدو وأوشك على الهزيمة رغم استماتته في الدفاع لولا أن أنجده في النهاية إبراهيم النخعي وكان هذا في خلال تلك المعركة مشغولا بقتال فرقتين من فرق العدو في المدينة فصل لقتالهما واستطاع هزيمتهما ثم أسرع لنجدة المختار. ولم يكد يظهر في الميدان حتى فرت جنود شبث بن ربعي من الميدان وولت الادبار وعاد هؤلاء إلى الاحتشار في المدينة مرة أخرى وانضم إليهم الباقون خصوصا في الكناسة ولكن إبراهيم النخعي - الذي كان قادرا على كل شئ - فرق شملهم. هنالك فر الاشراف والوالي - ابن مطيع - إلى القصر فحوصروا فيه وبعد هذا النصر زاد عدد الشيعة زيادة كبيرة. وبعد ثلاثة أيام تسلل ابن مطيع من القصر هاربا واستتر أما الاشراف فأذعنوا وبايعوا المختار. وفي صباح اليوم التالي جاء المختار من القصر بعد أن بات فيه فتلقى البيعة من الاشراف وغيرهم وهو يقول: (تبايعوني على كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا والدفاع ببيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم) ((الطبري 2 / 633) ووجد في بيت المال تسعة ملايين جازى بها جنوده فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر - وهم الذين تحملوا حرارة اليوم ومتاعبه -

(1) خوطب أحد الموالي بهذه العبارات (يا ابن المتكاء! تركت بيع الصحناة بالكناسة.
وكان جزاء من أعتقك أن تعدو عليه بسيفك تضرب رقابه!) (الطبري 2 / 623).
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست