الشيعية الجديدة ولم يكن ذلك أبدا بوضوح في أول الأمر وعملوا على رسم الشيطان على الجدران بقصد استحضاره وإهاجة العداوة بين العرب والموالي. ولم يفلح المختار في اجتياز هذا المضيق. فلم يستطع كسب حزب العصبية العربية إلى جانبه وكان في خطر أن يزعج الموالي. لقد منعهم من الانتقام من قتلة الحسين أي من الاشراف وتضايقوا من ترضية للاشراف ومن محاولة إرضاء الطرفين.
وأتاه قائد حرسه أبو عمرة كيسان (مولى عرينة) بهذه الانباء. فكان على المختار أن يهدئ خواطرهم وأفلح في هذا بما تفوه به لهم من عبارات غامضة يستطيعون أن يفسروها كما يحلو لهم. ولكن هذا لا يدل أبدا على أنه لم يكن جادا في سياسة التوفيق والمصالحة التي سلكها ابتغاء المزج بين العرب والموالي في بوتقة الاسلام. ولم يجد عن هذه السياسة طوعا بل اضطرته الظروف القاهرة فأرغم على تأليف حزب حكومي يستند إلى أولئك الذين يستطيع أن يضع فيهم معظم ثقته والذين انضموا إليه بعد النصر أفواجا أفواجا.
قوت الاحداث الخارجية مركزه أولا فالعمال الذين أرسلهم إلى المقاطعات التابعة للكوفة قوبلوا بغير مقاومة. ولم يشذ إلا المتمرد الورع عبيد الله بن الحر الجعفي الذي تحصن في المدائن وأرض جوخي ورفض الطاعة لهم. ومن جهة أخرى أخفقت الحركة إلي قام بها شيعة البصرة لنصرته (1). وظن المختار أنه يستطيع أن يتجنب العداوة السافرة بينه وبين ابن الزبير على الرغم مما قام به من معارك ضد حكومة ابن الزبير في العراق وحتى بعد أن منع المختار دخول الوالي الجديد إلى الكوفة بقوة السلاح وهو الوالي الذي أرسله ابن الزبير محل ابن مطيع المطرود فعرض المختار على ابن الزبير أن يتعاونا ضد العدو المشترك وهو أهل الشام الذين زحفوا على الجزيرة العربية سنة 66 ه حتى وصلوا إلى وادي القرى وظفر بموافقة ابن الزبير على إرسال جيش قوامه ثلاثة آلاف من الموالي إلى المدينة تحت إمرة شرحبيل بن ورس الهمداني عليهم أن يعملوا مع جيش ابن الزبير المؤلف من ألفي جندي والذي زحف من مكة ضد أهل الشام. بقيادة عياش بن سهل الأنصاري (2).