وكانت غالبيتهم - من حيث الأصل واللغة - من الفرس جاءوا أسرى إلى الكوفة واعتنقوا الاسلام هناك ثم أعتقهم سادتهم وانتسبوا إلى القبائل العربية موالي فيها بحيث كانوا في وضع هجين: فلم يعودوا عبيدا ولكنهم بقوا مع ذلك على ولاء لسادتهم وفي حاجة إلى حمايتهم وعليهم واجب القيام بخدمتهم وكانوا حاشيتهم في السلم والحرب وقد أعطاهم الاسلام من الحقوق مما سمح به سادتهم العرب.
والآن انتعش أمل هؤلاء الموالي في الخلاص من الولاء وفي المشاركة التامة المباشرة في الدولة الاسلامية. أيقظ المختار هذا الامل فيهم واجتذبهم إليه وزاد بهم مواليه الخصوصيين. وكان يوليهم معظم ثقته ويقربهم إليه كل القرب (1) واختار منهم حرسه الخاص وتولى قيادة هذا الحرس واحد منهم على أنه في بادئ الامر لم يعين في المراكز الرئيسية إلا العرب وكانوا في الأصل يؤلفون الأغلبية الكبرى في جيش الشيعة ويتكون منهم الفرسان أما الموالي فكانت جمهرتهم العظمى من غير الفرسان وجرت العادة ألا يحملوا سيوفا بل كان سلاحهم هراوات خشبية (2).
ولم يزد عددهم عند الثورة الأولى عن خمسمائة ثم زاد عددهم بعد ذلك بسرعة زيادة عظيمة ولكن العرب في الفريق المعادي الذين كانوا من الاشراف كانت لهم مصلحة في أن يصوروا الامر وكأنهم إنما كانوا يحاربون عبيدهم الذين لم يقنعوا بتحررهم بل أرادوا أيضا أن يبسطوا أيديهم إلى الخراج وما ينفق منه من أعطية جارية (3). وهالهم أن يكافح الموالي في سبيل مصالحهم لا في سبيل سادتهم!
وفتحت الكراهية بصائرهم وأصبح هذا علامة مميزة منذ ذلك الحين على الحركة