الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٣٥
بل قرروا أن يهتبلوا هذه الفرصة السانحة للقضاء على مغتصب السلطة (المختار) وإن كانوا بذلك يخونون العراق لصالح أهل الشام ولم يخرج على هذا القرار إلا عبد الرحمن بن مخنف - وكان فطنا حذرا ومن أقرباء أبي مخنف الراوي - فإنه لم يوافق على خطتهم وقال: إن المختار معه ليس فقط العبيد والموالي بل وأيضا شجعان العرب وفرسانها وكلهم كلمتهم واحدة: (فهو مقاتلكم بشجاعة العرب وعداوة العجم وإن انتظرتموه قليلا كفيتموه بقدوم أهل الشام أو بمجئ أهل البصرة فتكونوا قد كفيتموه بغيركم ولم تجعلوا بأسكم بينكم) (الطبري 2 / 651) ولكنه لم يستطع إقناع الآخرين برأيه فاضطر أن ينزل عند رأي الجماعة. فلما مضى إبراهيم بن الأشتر للقاء أهل الشام. احتل هؤلاء الاشراف المراكز الرئيسية في الكوفة وحصروا المختار في القصر والمسجد وقطعوا الاتصال بينه وبين الخارج.
وحتى يفسد عليهم تدبيرهم اقترح عليهم أن يبعثوا من قبلهم وفدا إلى ابن الحنفية ويرسل هو من قبله وفدا إليه لسؤاله في تأييد ابن الحنفية له ولكن لم ينجح في هذا التدبير.
بيد أنه وجد الوسيلة والسبيل إلى إنباء إبراهيم بن الأشتر بما يجرى وأمره بالعودة حالا. ولم يحتج الرسول إلا إلى يوم واحد للوصول إلى ساباط على الدجلة وإبلاغ إبراهيم بالامر وفي مساء اليوم التالي وصل إبراهيم وجنوده إلى الكوفة وعسكر بهم خلال الليل بالقرب من المسجد.
وفي صباح اليوم التالي يوم الأربعاء 24 من ذي الحجة سنة 66 (1) استؤنف القتال الذي وقع من قبل في شهر ربيع. وتداخلت الأضداد بين الأحزاب كما اتصل الامر بالعرب. فكثير من الشيعة العرب الذين كانوا حتى ذلك الوقت في صف المختار انفصلوا عنه وانحازوا إلى صفوف الاشراف نخص بالذكر القارئ الشهير رفاعة بن شداد الفتياني وهو صديق قديم لسليمان بن صرد بيد أنه انزعج انزعاجا شديدا حينما سمع صيحة الاشراف: (يا لثارات عثمان!) ترن إلى جانب وفي مقابل صيحة الشيعة: (يا لثارات الحسين!) فاندفع يائسا إلى

(1) الطبري (2 / 667 س 7). واسم اليوم الوارد هنا (22 يوليو سنة 686) كان يوم أحد لا أربعاء.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست