الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٢٨
وكتب محضرا صوريا بما وقع فلما اطمأن قلبه بهذا امثتل لما ورد في الكتاب ووضع نفسه في خدمة المختار بن أبي عبيد (1).
ومنذ هذه اللحظة صار يحضر الاجتماعات التي كانت تعقد للتشاور في المساء في بين المختار بانتظام ثم تم الاتفاق على بدء العمل في يوم الخميس الرابع عشر من ربيع الأول سنة 66 ه‍. وعرف الوالي بالامر وإن لم يعرف الموعد المضروب بالدقة ومنذ يوم الاثنين احتلت الشرطة الميادين العامة والسوق القريبة من المسجد الجامع وكان على رأس الشرطة إياس بن مضارب واحتل بنو تميم السبخة أمام البوابة تحت إمرة شبث بن ربعي وأرسل إلى كل جبانة رجلا من قبيلة هذه الجبانة (وأوصى كل رجل أن يكفيه قومه وأن لا يؤتى من قبله وأن يحكم الوجه الذي وجهه فيه) (2 / 614) (2). وذهب إبراهيم بن الأشتر النخعي في صحبة مائة رجل مسلح في مساء الثلاثاء متجها إلى بيت المختار وحرص على ألا يتجنب الشرطة فمشى في طريقه مباشرة إلى السوق فاعترضه إياس بن مضارب فقتله إبراهيم وبهذا بدرت إشارة الخروج قبل الأوان المضروب وما كان على إبراهيم إلا أن يظهر رأس رئيس الشرطة للمختار حتى يعلم أنه من المستحيل تأجيل الخروج ولكن كان من العسير تنبيه أنصارهم أثناء الليل وحشدهم في الميادين المختلفة ومع ذلك تم هذا كله دون قتال حقيقي وفعل إبراهيم كل ما في وسعه. وفي صبيحة يوم الأربعاء الثالث عشر من شهر ربيع الأول (18 أكتوبر سنة 685) كان المختار قد نظم أتباعه ونزل في ظهر دير هند مما يلي بستان زائدة في السبخة وهناك أقام صلاة

(1) كذا يروي عامر الشعبي (نسبة إلى قبيلة شعبان بطن من همدان) فيما ينقله أبو مخنف نفسه.
(2) السبخة: سهل صحراوي فسيح أمام الكوفة من ناحية الفرات وكانت السوق القريبة من المسجد الجامع تمتد إلى الكناسة وإلى جانب ذلك كانت توجد ميادين صغيرة في الاحياء المختلفة وكان اسمها بالفارسية (جهار سوج) وبالقريبة (جبانة) وسميت بأسماء القبائل التي تسكن حولها وبالقرب منها ولعل هذه عند مساجد القبائل وهي مساجد نسبتها إلى المسجد الجامع نسبة البيع الصغيرة إلى الكبيرة وهذه الميادين تناظر ميادين الكنائس وكانت تستعمل في الأصل لدفن الموتى ثم استعملت بعد ذلك لكل الاغراض الممكنة التي لا تصلح لها الأزقة الصغيرة الملتوية.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست