وكانوا ثلاثة آلاف وثمانمائة رجل كل رجل خمسمائة درهم وأعطى ستة آلاف من أصحابه أتوه بعدما أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة والثلاثة أيام حتى دخل القصر: مائتين مائتين.
استولى المختار إذن على الكوفة دون إراقة دماء كثيرة فسعى لإشاعة العدل والرحمة والطمأنينة في النفوس والصلح بين الأحزاب. وفي أول الأمر تولى بنفسه القضاء بحماسة ومهارة حتى أرهقه المنصب فعين قضاة (1).. وترك ابن مطيع يرحل بسلام ومنحه مالا وفيرا يستعين به في سفره ولان كانت دعوته للقتال تقوم على الثأر لمقتل الحسين فقد منع أنصاره من القتل وارتكاب المظالم (2).
وعفا عن خصم له أساء إليه وكان جزاؤه عن هذا الصفح أن مدحه خصمه بقصيدة يشكره فيها ووفى بعهده للاشراف بالأمان بل رغب إليهم أن يجالسوه وينصحوه كما كانوا يفعلون من قبل مع سلفه من الولاة وسر الحريصين على مصالح الكوفة الأصليين أن المختار فكر في أن يجعل الكوفة مركزا للخلافة الاسلامية مرة أخرى.
واختار الموظفين والقواد من بين الطبقة العالية من النبالة الحربية العربية. ومع ذلك كانت العناية (بالمستضعفين) نقطة رئيسية في برنامجه. وكان يفهم من هذا الاسم البسيط الكثير الورود في اللغة الروحية أنه يقصد به المسلمون غير العرب أعني الموالي وكانوا يؤلفون أكثر من نصف سكان الكوفة وفي أيديهم الحرف اليدوية والمهن والتجارة وترك لهم العرب المشغولون بالحرب والقتال مرافق الحياة المدنية (3).