أنه مكلف من قبل ابن الحنفية بل لأنه تبدي على أنه نبي حقا إنه لم يسم نفسه بهذا الاسم ولكنه أتى أفعالا من شأنها أن تعطي عنه هذه الفكرة فكرة أنه نبي وكان يتكلم وكأنه جالس في الحضرة الإلهية يعلم الغيب ويسجع سجع الكهان بطلاقة ومهارة ويريد أن يفرض شخصيته على الناس وأفلح في هذا أيضا وإن كان نجاحه لدى الخاصة والعقلاء أقل منه لدى العامة والدهماء. وطالما حالفه النصر اتسعت دوائر المؤمنين به فلما مني بالهزيمة أدبرت عنه الدنيا وراحت الروايات تطلق سهامها على ذكراه بعد مقتله في البدء كانت تذمه دون أن تشوه صورته ولكنها راحت بعد ذلك في مرحلة متأخرة تنعته بنعوت أملاها الحقد. وهذه النعوت يستخدم غيرها لرسم الصورة التي عملها للمختارى في كتابه (مقالة في تاريخ الاسلام) (1): فيقول عنه إنه هو الذي أمر بإطلاق الحمام الأبيض وأنه كان خارجيا ثم زبيريا ثم شيعيا وأنه ابتدع القول بالبداء (2) في الله كيما يبرر تقلبه هو من مذهب إلى مذهب (3). ولما لا يحق للمرء أن يجعله معرضا للسخرية من أجل أن يفهمه على حقيقته ولحسن الحظ كان لنشر (تاريخ) الطبري الفضل في وضع حد لهذا النحو من تصوير الرجل.
فإن كان لابد من الإجابة عن السؤال: هل كان المختار نبيا صادقا أو متنبئا كاذبا؟ - فلا مناص من تعديله إلى هذه الصيغة: أكان المختار مخلصا أم غير مخلص؟ قد يأخذ عليه المرء أنه استعان بالتنبؤ للوصول إلى الحكم وعلى المرء أن يلاحظ أن الاسلام دين سياسي وأن أي نبي مسلم لابد أن يسعى إلى الحكم. ولكن ما هو أشد من ذلك المأخذ خطرا وأكبر وزنا هو أنه تستر وراء شبح خيالي (هو