ضربه على عينيه وقال: (قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأباجله وأعضاءه إربا إربا...
يا بن العرق! إن الفتنة قد أرعدت وأبرقت وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها فإن رأيت ذلك وسمعت به بمكان قد ظهرت فيه فقل إن المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلوم الشهيد المقتول سيد المسلمين وابن سيدها الحسين بن علي فوربك لأقتلن بقتله عدة القتلى التي قتلت على دم يحيى بن زكريا. قال (أبي ابن العرق): فقلت له (أي المختار): سبحان الله! وهذه أعجوبة مع الأحدوثة الأولى. فقال (المختار): هو ما أقول لك فاحفظه عني حتى تري مصداقه. ثم حرك راحلته فمضى) (الطبري 2 / 524) ثم سأله عن ابن الزبير فعلم أن هذا الأخير لم يظهر الثورة علنا بعد ولكنه سيفعل ذلك قطعا حينما يشعر بأن لديه قوة كافية. فمضى إلى ابن الزبير وطلب منه أن يطلب مبايعته علنا وعرض عليه المساعدة. ولكنه قال ذلك علنا حتى أن ابن الزبير تركه يذهب إد غضب أن يكلمه في المسجد بصوت عال فيذيع السر (فهذا الكلام لا ينبغي أن يكون إلا والستور دونه مرخاة والأبواب دونه مغلقة) (الطبري 2 / 527 س 11 - 12). فخرج المختار من المسجد وظل لا يرى حولا في مكة (1) إلى أن ظهر من جديد فجأة من مكة ودخل المسجد وتبدى في مظهر الرجل الخطير. هنالك أحسن ابن الزبير معاملته وفي مستهل سنة 64 قاتل في صفوف خوارج اليمامة ضد أهل الشام قتال الشجعان.
ولكنه لم يجد في مكة ما قدر له وبعد طرد عبيد الله من العراق اتجهت أنظار المختار إلى الكوفة. وكان لا يقدم عليه أحد من أهل الكوفة إلا سأله عن حال الناس وهيئتهم فأخبر أن الناس في الكوفة في (صلات واتساق على طاعة ابن الزبير إلا أن طائفة من الناس إليهم عدد أهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض إلى يوم ما. فقال المختار: أنا أبو إسحاق أنا والله لهم أنا أجمعهم على مر الحق وأنفي بهم ركبان الباطل وأقتل بهم كل جبار عنيد (الطبري 2 / 531). ولم ينقد لتحذير من حذره من قيام حرب أهلية بين الناس ومن عذاب يوم القيامة بل كان موقنا بالنصر تمام اليقين.