وكان الشعور بالخطيئة أكثر من واجب الانتقام هو الذي دفع هؤلاء الشيعة إلى القتال والموت. ولو كانوا قد بذلوا للحسين وهو حي نصف ما بذلوا وهو ميت فلعل مجرى الامر أن يكون قد تغير.
كان اندحار سليمان بن صرد وجماعته في عين الوردة نقطة تحول حاسم في التاريخ الداخلي للشيعة والفضل في هذا التحول إنما يرجع إلى المختار بن أبي عبيد وهو ثقفي كالمغيرة وزياد وعبيد الله والحجاج ولا يقل عن هؤلاء شأنا.
وإن كان من طبيعة أخرى مخالفة لطبائعهم تمام المخالفة (1). كان من أسرة كريمة.
وقاد أبوه المعركة ضد الفرس عند البويب (النخيلة) وقتل في هذه المعركة البائسة وتزوجت أخته عبد الله بن عمر بن الخطاب ذو المكانة البارزة المرموقة كما تزوج بنت النعمان بن بشير الأنصاري ذي المكانة الرفيعة كذلك وكان له في الكوفة بيت وكان له بالقرب منها ضيعة أما ماضيه فيحيط به الغموض (2) ولم يظهر على المسرح العام إلا بعد أن بلغ الستين من عمره فكان شيعيا غيورا. قدم من ضيعته في خطرنيه مع مواليه إلى الكوفة لما اضطرب الامر بوفاة معاوية وآوي مسلم بن عقيل واشترك في حركته التي كانت قبل أوانها (3). وخلص من يد عبيد الله بعين مشتورة بعد أن تشفع لديه فيه بعض الأصدقاء الأخيار ولكنه نفي خارج الكوفة (4).
فذهب إلى الحجاز وفي الطريق لقي ابن العرق (5) فذكر له كيف أن عبيد الله