الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١١٢
منه سار إلى عمله الأصلي فأراد أن يعفي من أمر الحسين فاشترط عليه إن يرد عن ولايته. فاضطر كارها إلى السير إلى الحسين حتى لا يفقد ولايته ولكنه لم يتعجل السير بل بدأ بأن أرسل إليه من يسأله ما الذي جاء به وماذا يريد وكان قد سأل الكثير أن يكون رسولا إلى الحسين ولكنهم أبوا لان كثيرين منهم كانوا قد كتبوا إلى الحسين يسألونه القدوم إلى الكوفة فخجلوا أن يظهروا أمامه بهذه الرسالة. فلما أبلغ الحسين الرسالة قال الحسين للرسول: (كتب إلي مصركم هذا إن أقدم فأما إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهم) (1) (الطبري 2 / 310). فأبلغ عمر ابن سعد هذا الجواب إلى الوالي (عبيد الله بن زياد). فأجاب الوالي قائلا: على الحسين أن يبايع يزيد بن معاوية وأن يسلم نفسه وإلا استعملت القوة ضده فإن تردد عمر في ذلك فعليه أن يسلم القيادة لشمر بن ذي الجوشن القيسي الذي حمل هذه الرسالة من عبيد الله إلى عمر بن سعد (2).
وفي عشية يوم الخميس (3) لتسع مضين من المحرم استعد عمر للقتال وفي أثناء الليل ترك الحسين في هدوء ولم يحاول أحد ممن كان معه أن يهتبل الفرص للفرار على الرغم من أنه حرضهم على الفرار لان القوم لا يريدون إلا الحسين.
ثم أوصى بوصية وجعل سيفه قائما لإخافة النساء ورتب الأمور لحماية ظهره من الهجوم (4). وأمضى بقية الليل في الصلاة وكان أعداؤه على مقربة من معسكره وكان يدور هنا وهناك كلام كثير مختلف ألوانه.
وفي العاشر من المحرم يوم الأربعاء (5) العاشر من أكتوبر سنة 680 م انتظم

(1) في رواية عمار الدهني في الطبري (2 / 282) أن الحسين خيره واحدة من ثلاث: إما أن يدعوه فينصرف من حيث جاء أي إلى مكة وإما أن يدعوه فيذهب إلى يزيد وإما أن يدعوه فيلحق بالثغور. أما في رأي أبي مخنف (الطبري ص 314) فليس من الصحيح أن الحسين اقترح هذه الأمور الثلاثة.
(2) راجع نسبه في الطبري (1 / 2305) والدينوري (ص 267).
(3) ورد أن ذلك في يوم الخميس أو الجمعة والحقيقة أنه كان يوم الثلاثاء.
(4) في رواية الدهني (الطبري ص 281 س 17 - س 18) أنه أسند ظهره إلى قصباء وخلا كي لا يقاتل إلا من وجه واحد.
(5) ورد أن ذلك كان في يوم الجمعة أو السبت.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست