الدخول في العبادة امتثالا لأوامرها كان امتثاله موجبا للاجزاء وسقوط الإعادة، سواء كان نصا خاصا أو دليلا عاما، وكلما لا يدل على الإذن في الدخول على الوجه المذكور لم يشرع بمجرده الدخول في العبادة على وجه التقية امتثالا لأمرها، بل إن انحصرت التقية في الاتيان بها كانت امتثالا لأوامر وجوب التقية لا لأوامر وجوب تلك العبادة.
اللهم إلا أن يكون مراده من الأمر العام أوامر التقية، ومن وجوب العمل على وجه التقية إذا اقتضت الضرورة هو هذا الوجوب العيني لا الوجوب التخييري الحاصل من الوجوب الموسع، فيكون حاصل كلامه الفرق بين الإذن في العمل امتثالا للأوامر المتعلقة بالعبادة وبين الإذن في العمل امتثالا لأوامر التقية.
لكن ينبغي حينئذ تقييده بغير ما إذا كانت التقية في الأجزاء والشروط الاختيارية، وإلا فتدخل المسألة في مسألة أولي الأعذار، ويصح الاتيان بالعمل المذكور امتثالا للأوامر المتعلقة بذلك العمل مع تعذر تلك الأجزاء والشرائط لأجل التقية، على الخلاف والتفصيل المذكور في مسألة أولي الأعذار.
ومما ذكرنا يظهر أن ما أجاب به بعض عن هذا التفصيل - بأن المسألة مسألة ذوي الأعذار، وأن الحق فيها سقوط الإعادة بعد التمكن من الشرط المتعذر - لا وجه له على إطلاقه.
ثم إن الذي يقوى في النظر في أصل مسألة اعتبار عدم المندوحة:
أنه إن أريد عدم المندوحة بمعنى عدم التمكن حين العمل من الاتيان به موافقا للواقع - مثل أنه يمكنه عند إرادة التكفير للتقية من الفصل بين يديه:
بأن لا يضع بطن أحدهما على ظهر الأخرى، بل يقارب بينهما، وكما إذا تمكن من صبه الماء من الكف إلى المرفق لكنه ينوي الغسل عند رجوعه من المرفق إلى الكف - وجب ذلك ولم يجز العمل على وجه التقية، بل التقية على هذا الوجه غير