فلما وصلت رسالة سعيد العلماء إليه ذهب إلى حرم أمير المؤمنين عليه السلام وطلب منه أن يعينه على هذا الأمر الخطير، وأن يحفظه من الوقوع في الخطأ والزلل.
ولما عرضت عليه فلوس الهند المعروفة أبى أن يقبلها، وذلك أن هذه الأموال موضوعة في أحد بنوك بريطانيا، أصلها من مال امرأة هندية أوصت أن تصرف في كربلاء والنجف برأي المجتهدين، فطلب قنصل بريطانيا من الشيخ أن يأخذ منها شيئا ويعطيه وصولا بالتمام، فأبى، فسلمت لغيره ممن قبل ذلك.
وقال له بعض أصحابه: إنك مبالغ في إيصال الحقوق إلى أهلها، فأجابه: ليس لي بذلك فخر ولا كرامة، إذ من شأن كل عامي وسوقه أن يؤدي الأمانات إلى أهلها، وهذه حقوق الفقراء أمانة عندي.
فكان رضوان الله عليه يرى مساعدة الفقراء والمحتاجين من وظائفه الواجبة، وكان هذا ديدنه من حين صغره، فلما عرف أن في ناحية من مدينته عاجزا فقيرا شرع باعطاء عشائه كل ليلة إلى الفقير وهو ينام بدون عشاء أو يكتفي بشئ يسير من الطعام.
وكان كثير من الفقراء لهم راتب خاص من الشيخ.
وكانت للشيخ أسوة بسيده أمير المؤمنين عليه السلام، فكان يذهب إلى أبواب بيوت الفقراء سرا ويوصل إليهم ما يحتاجونه من دون أن يعرفهم نفسه، وعرفوه بعد ما فارقت روحه الطيبة الحياة.
وكان رحمه الله كلما وصلت إليه هدايا ثمينة يعطيها لملا رحمة الله ليبيعها، ثم يوزع الأموال على الفقراء.
وكان مع وصول جميع حقوق الشيعة إليه، مع هذا كان يعيش عيشة الفقراء، ويكتفي من قوته بما يسد رمقه.
ولما سعي بالشيخ بأنه يخفى الأسلحة في بيته أرسل والي النجف إلى بيت الشيخ عسكرا ليفتشوا البيت، فلما ذهبوا لم يجدوا سلاحا وتعجبوا من زهد الشيخ بحيث لم يجدوا بيته مفروشا.