في فرد شيخنا وعمادنا، الفقيه الماهر المائر، قدوة المحققين والمتصرفين، وأسوة المدققين والمتطرفين...
الشيخ محمد حرز الدين، قال:... كان فقيها أصوليا متبحرا في الأصول، لم يسمح الدهر بمثله، صار رئيس الشيعة الإمامية، وكان يضرب به المثل أهل زمانه في زهده وتقواه وعبادته وقداسته، وقد أدركت زمانه وشاهدت طلعته ونظرت إلى مجلس بحثه، ورأيته يوما ورجل يمشي إلى جنبه، وأتذكر أنه أبيض اللون نحيف الجسم خضب كريمته بالحناء، يلبس لباس الفقراء وعليه عباءة صوف غليظة كدرة، وكان مدرسا بارعا تتلمذ عليه عيون العلماء والأساتذة، وحدثوا أنه كان متقنا للنحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان، وسمع أنه استطرق كتاب المطول للتفتازاني أربعين مرة ما بين بحث ودرس وتدريس، وله في التدريس طريق خاص وأسلوب فقده معاصروه، من طلاقة في القول، وفصاحة في المنطق، وحسن تقريب آراء المحققين، وبيان رأي المحتكر من المبتكر، وإبراز المآرب، والاستدلال عليها بأحسن بيان وأقطع برهان... وقد جمع بين الحفظ، وسرعة الانتقال، واستقامة الذهن، وقوة الغلبة على من يحاوره... وكان عالي الهمة أبيا، ومن علو همته أنه كان يعيش عيشة الفقراء، ويبسط البذل على الفقراء والمحتاجين سرا.
الشيخ الطهراني، قال: حتى اجتمع - أي: الميرزا الشيرازي - مع الشيخ المرتضى الأنصاري، فرآه من أهل الأنظار العالية، والتحقيقات الجيدة، فعزم على المقام في النجف لأجله، وعدل عن الرجوع إلى إصفهان، وأخذ بالخوض في مطالب الشيخ بغاية جهده وكده، والغوص فيها بقاطع ضرسه، حتى اغتنم كنوزها، وحقق حقائقها...
السيد الأمين، قال: الأستاذ الإمام المؤسس، شيخ مشايخ الإمامية.... وضع أساس علم الأصول الحديث عند الشيعة وطريقته الشهيرة المعروفة، إلى أن انتهت إليه رئاسة الإمامية العامة في شرق الأرض وغربها... وصار على كتبه و دراستها معول أهل العلم، لم يبق أحد لم يستفد منها، وإليها يعود الفضل في تكوين النهضة العلمية