مالك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم: أن الرجل كان يجعل له من ماله النخلات أو كما شاء الله حتى فتحت عليه قريظة والنضير قال: فجعل يرد بعد ذلك. قال: وإن أهلي أمروني أن آتي نبي الله صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي كان أهله أعطوه أو بعضه وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله. قال: فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول: كلا والله الذي لا إله إلا هو لا أعطيكهن وقد أعطانيهن أو كما قالت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لك كذا وكذا وتقول كلا والله ويقول لك كذا وكذا وتقول كلا والله قال ويقول لك كذا وكذا حتى أعطاها حسبت أنه قال عشرة أمثاله أو قال قريبا من عشرة أمثاله أو كما قال أخرجاه بنحوه من طرق عن معتمر به. ثم قال تعالى ذاما للمنافقين الذين مالوا إلى بني النضير في الباطن كما تقدم ووعدوهم النصر فلم يكن من ذلك شئ بل خذلوهم أحوج ما كانوا إليهم وغروهم من أنفسهم فقال (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وأن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد أنهم لكاذبون. لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا ينصرون) [الحشر: 11 - 12] ثم ذمهم تعالى على جبنهم وقلة علمهم وخفة عقلهم النافع ثم ضرب لهم مثلا قبيحا شنيعا بالشيطان حين قال للانسان أكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين.
قصة عمرو بن سعدى القرظي حين مر على ديار بني النضير وقد صارت يبابا ليس بها داع ولا مجيب وقد كانت بنو النضير أشرف من بني قريظة، حتى حداه ذلك على الاسلام وأظهر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوراة. قال الواقدي حدثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: لما خرجت بنو النضير من المدينة أقبل عمرو بن سعدى فأطاف بمنازلهم فرأى خرابها وفكر ثم رجع إلى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة فنفخ في بوقهم فاجتمعوا فقال الزبير بن باطا: يا أبا سعيد أين كنت منذ اليوم لم تزل (1) وكان لا يفارق الكنيسة وكان يتأله في اليهودية. قال رأيت اليوم عبرا قد عبرنا بها، رأيت منازل إخواننا خالية بعد ذلك العز والجلد والشرف الفاضل، والعقل البارع قد تركوا أموالهم وملكها غيرهم، وخرجوا خروج ذل. ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة وقد أوقع قبل ذلك بابن الأشرف ذي عزهم ثم بيته في بيته آمنا، وأوقع بابن سنينة سيدهم، وأوقع ببني قينقاع فأجلاهم وهم أهل جد يهود، وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة، فحصرهم فلم يخرج إنسان منهم رأسه حتى سباهم وكلم فيهم فتركهم على أن أجلاهم من يثرب. يا قوم قد رأيتم ما رأيتم