وفيها كان بعث أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة بأربعين رجلا أيضا فساروا إليهم مشاة، حتى أتوها في عماية الصبح، فهربوا منه في رؤوس الجبال فأسر منهم رجلا فقدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه محمد بن مسلمة في عشرة نفر وكمن القوم لهم حتى باتوا [فما شعروا إلا بالقوم، فقتل] (1) أصحاب محمد بن مسلمة كلهم وأفلت هو جريحا (2).
وفيها كان بعث زيد بن حارثة بالحموم فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة فدلتهم على محلة من محال بني سليم، فأصابوا منها نعما وشاء وأسروا [جماعة من المشركين] (3) وكان فيهم زوج حليمة هذه فوهبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها وأطلقهما.
وفيها كان بعث زيد بن حارثة أيضا في جمادى الأولى (4) إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فهربت منه الاعراب فأصاب من نعمهم عشرين بعيرا ثم رجع بعد أربع ليال.
وفيها خرج زيد بن حارثة في جمادى الأولى إلى العيص (5).
قال وفيها أخذت الأموال التي كانت مع أبي العاص بن الربيع، فاستجار بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجارته. وقد ذكر ابن إسحاق قصته حين أخذت العير التي كانت معه وقتل أصحابه بينهم حتى قدم المدينة، وكانت امرأته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هاجرت بعد بدر فلما جاء المدينة استجار بها فأجارته بعد صلاة الصبح فأجاره لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس برد ما أخذوا من غيره فردوا كل شئ كانوا أخذوه منه حتى لم يفقد منه شيئا. فلما رجع إلى مكة وأدى إلى أهلها ما كان لهم معه من الودائع أسلم وخرج من مكة راجعا إلى المدينة فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته بالنكاح الأول ولم يحدث نكاحا ولا عقدا كما تقدم بيان ذلك. وكان بين إسلامه وهجرتها ست سنين ويروى سنتين. وقد بينا أنه لا منافاة بين الروايتين وأن إسلامه تأخر عن وقت تحريم المؤمنات على الكفار بسنتين وكان إسلامه في سنة ثمان في سنة الفتح لا كما تقدم في كلام الواقدي من أنه سنة ست. فالله أعلم.
وذكر الواقدي في هذه السنة أن دحية بن خليفة الكلبي أقبل من عند قيصر قد أجازه بأموال وخلع، فلما كان بحسمى لقيه ناس من جذام فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا معه شيئا، فبعث