واستبشر المسلمون وقالوا الحمد الله موعود صادق. قال: ولما طلعت الأحزاب قال المؤمنون:
هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما. وقال المنافقون:
يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا فنزل فيهم (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) [الأحزاب: 12] وهذا حديث غريب (1). وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا هارون بن ملول، حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق فخندق على المدينة قالوا: يا رسول الله إنا وجدنا صفاة لا نستطيع حفرها فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا معه، فلما أتاها أخذ المعول فضرب به ضربة وكبر فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط فقال: فتحت فارس، ثم ضرب أخرى فكبر فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط فقال: فتح الروم، ثم ضرب أخرى فكبر، فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط فقال: جاء الله بحمير أعوانا وأنصارا. وهذا أيضا غريب من هذا الوجه. وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي فيه ضعف فالله أعلم. وقال الطبراني أيضا:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو نميلة، حدثنا نعيم بن سعيد الغري أن عكرمة حدث عن ابن عباس قال: احتفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، وأصحابه قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل دللتم على رجل يطعمنا أكلة؟ قال رجل: نعم. قال: أما لا فتقدم فدلنا عليه. فانطلقوا إلى [بيت] الرجل فإذا هو في الخندق يعالج نصيبه منه، فأرسلت امرأته أن جئ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتانا فجاء الرجل يسعى وقال: بأبي وأمي وله معزة ومعها جديها فوثب إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم الجدي من ورائها فذبح الجدي وعمدت المرأة إلى طحينة لها فعجنتها وخبزت فأدركت القدر، فثردت قصعتها فقربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعه فيها وقال بسم الله اللهم بارك فيها اطعموا، فأكلوا منها حتى صدروا، ولم يأكلوا منها إلا ثلثها وبقي ثلثاها فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا وسرحوا إلينا بعدتكم فذهبوا فجاء أولئك العشرة فأكلوا منها حتى شبعوا ثم قام ودعا لربة البيت وسمت عليها وعلى أهل بيتها، ثم مشوا إلى الخندق فقال: اذهبوا بنا إلى سلمان، وإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوني فأكون أول من ضربها. فقال: بسم الله. فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال: الله أكبر قصور الشام ورب الكعبة، ثم ضرب أخرى فوقعت فلقة فقال: الله أكبر قصور فارس ورب الكعبة. فقال عندها المنافقون: