يوم أحد في أول الرابعة عشرة، ويوم الأحزاب في أواخر الخامسة عشرة. قلت: ويحتمل أنه أراد أنه لما عرض عليه في يوم الأحزاب كان قد استكمل خمس عشرة سنة التي يجاز لمثلها الغلمان، فلا يبقى على هذا زيادة عليها. ولهذا لما بلغ نافع عمر بن عبد العزيز هذا الحديث قال: إن هذا الفرق بين الصغير والكبير. ثم كتب به إلى الآفاق (1) واعتمد على ذلك جمهور العلماء. والله أعلم.
وهذا سياق القصة مما ذكره ابن إسحاق وغيره (2). قال ابن إسحاق: ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس. فحدثني يزيد بن رومان، عن عروة، ومن لا أتهم عن عبيد الله بن كعب بن مالك، ومحمد بن كعب القرظي والزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا وبعضهم يحدث مالا يحدث بعض. قالوا: إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم: سلام بن أبي الحقيق النضري (3) وحيى بن أخطب النضري، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار (4) الوائلي، في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فهم الذين أنزل الله فيهم (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا، أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) الآيات [النساء: 51]. فلما قالوا ذلك لقريش، سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاؤوا غطفان، من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم يكونون معهم عليه، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك واجتمعوا معهم فيه، فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان، وخرجت غطفان