وكان الله قويا عزيزا * وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شئ قديرا) [الأحزاب: 9 - 27] وقد تكلمنا على كل من هذه الآيات الكريمات في التفسير ولله الحمد والمنة، ولنذكر هاهنا ما يتعلق بالقصة إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
وقد كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة نص على ذلك ابن إسحاق وعروة بن الزبير وقتادة والبيهقي وغير واحد من العلماء سلفا وخلفا وقد روى موسى بن عقبة، عن الزهري أنه قال: ثم كانت وقعة الأحزاب في شوال سنة أربع. وكذلك قال الامام مالك بن أنس فيما رواه أحمد بن حنبل عن موسى بن داود عنه. قال البيهقي: ولا اختلاف بينهم في الحقيقة لان مرادهم أن ذلك بعد مضي أربع سنين وقبل استكمال خمس (1)، ولا شك أن المشركين لما انصرفوا عن أحد واعدوا المسلمين إلى بدر العام القابل، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما تقدم في شعبان سنة أربع ورجع أبو سفيان بقريش لجدب ذلك العام فلم يكونوا ليأتوا إلى المدينة بعد شهرين، فتعين أن الخندق في شوال من سنة خمس والله أعلم. وقد صرح الزهري بأن الخندق كانت بعد أحد بسنتين ولا خلاف أن أحدا في شوال سنة ثلاث إلا على قول من ذهب إلى أن أول التاريخ من محرم السنة الثانية لسنة الهجرة، ولم يعدوا الشهور الباقية من سنة الهجرة من ربيع الأول إلى آخرها كما حكاه البيهقي. وبه قال يعقوب بن سفيان الفسوي وقد صرح بأن بدرا في الأولى، وأحدا في سنة ثنتين، وبدر الموعد في شعبان سنة ثلاث، والخندق في شوال سنة أربع (2). وهذا مخالف لقول الجمهور فإن المشهور أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جعل أول التاريخ من محرم سنة الهجرة، وعن مالك من ربيع الأول سنة الهجرة، فصارت الأقوال ثلاثة والله أعلم. والصحيح قول الجمهور أن أحدا في شوال سنة ثلاث، وأن الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة والله أعلم، فأما الحديث المتفق عليه في الصحيحين (3) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال:
عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني، فقد أجاب عنها جماعة من العلماء منهم البيهقي بأنه عرض