عنها. وقال الواقدي في شوال من هذه السنة تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة (1) بنت أبي أمية.
قلت: وكانت قبله عند زوجها أبي أولادها أبي سلمة بن عبد الأسد وقد كان شهد أحدا كما تقدم، وجرح يوم أحد فداوى جرحه شهرا حتى برئ، ثم خرج في سرية فغنم منها نعما ومغنما جيدا، ثم أقام بعد ذلك سبعة عشر يوما ثم انتقض عليه جرحه فمات لثلاث بقين (2) من جمادي الأولى من هذه السنة، فلما حلت في شوال خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها بنفسه الكريمة وبعث إليها عمر بن الخطاب في ذلك مررا فتذكر أنها امرة غيري أي شديدة الغيرة وانها مصبية أي لها صبيان يشغلونها عنه ويحتاجون إلى مؤنة تحتاج معها أن تعمل لهم في قوتهم، فقال: أما الصبية فإلى الله وإلى رسوله أي نفقتهم ليس إليك، وأما الغيرة فأدعو الله فيذهبها، فأذنت في ذلك وقالت لعمر آخر ما قالت له: قم فزوج النبي صلى الله عليه وسلم تعني قد رضيت وأذنت. فتوهم بعض العلماء أنها تقول لابنها عمر بن أبي سلمة وقد كان إذ ذاك صغيرا لا يلي مثله العقد، وقد جمعت في ذلك جزءا مفردا بينت فيه الصواب في ذلك ولله الحمد والمنة. وان الذي ولى عقدها عليه ابنها سلمة بن أبي سلمة وهو أكبر ولدها وساغ هذا لان أباه ابن عمها فللابن ولاية أمه إذا كان سببا لها من غير جهة البنوة بالاجماع. وكذا إذا كان معتقا أو حاكما، فأما محض البنوة فلا يلي بها عقد النكاح عند الشافعي وحده وخالفه الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله. ولبسط هذا موضع آخر يذكر فيه وهو كتاب النكاح من الاحكام الكبير إن شاء الله.
قال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا ليث، يعني ابن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أم سلمة قالت: أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به، قال: " لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا فعل به ". قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت:
اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أين لي خير من أبي سلمة؟ فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي فغسلت يدي من القرظ وأذنت له فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله ما بي أن لا تكون بك الرغبة، ولكني امرأة بي غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن وأنا ذات عيال. فقال: أما ما ذكرت من الغيرة فسيذهبها الله عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي، فقالت: فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت أم