قليلا، ثم التفت فلم أر شيئا فكأنما بلعته الأرض فلم تذكر لخبيب رمة حتى الساعة (1). ثم روى ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: لما قتل أصحاب الرجيع قال ناس من المنافقين: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم أقاموا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم، فأنزل الله فيهم (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) [البقرة: 204] وما بعدها. وأنزل الله في أصحاب السرية (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) [البقرة:
207]. قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في هذه الغزوة خبيب حين اجمعوا على قتله (قال ابن هشام: ومن الناس من ينكرها له):
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا * قبائلهم واستجمعوا كل مجمع (2) وكلهم مبدي العداوة جاهد * علي لأني في وثاق بمضبع (3) وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم * وقربت من جذع طويل ممنع إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي * وما أرصد الأعداء لي عند مصرعي (4) فذا العرش صبرني على ما يراد بي * فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وذلك في ذات الاله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع وقد خيروني الكفر والموت دونه * وقد هملت عيناي من غير مجزع وما بي حذار الموت إني لميت * ولكن حذاري جحم نار ملفع (5) فوالله ما أرجو إذا مت مسلما * على أي جنب كان في الله مضجعي (6) فلست بمبد للعدو تخشعا * ولا جزعا أني إلى الله مرجعي وقد تقدم في صحيح البخاري بيتان من هذه القصيدة وهما قوله:
فلست أبالي حين أقتل مسلما * على أي شق كان في الله مصرعي وذلك في ذات الاله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع وقال حسان بن ثابت يرثي خبيبا فيما ذكره ابن إسحاق: