قرن الثعالب، فإذا هو بغمامة وإذا فيها جبريل فناداه ملك الجبال فقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام وقد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئا " فناسب قوله بل أستأني بهم أن لا يفتح حصنهم لئلا يقتلوا عن آخرهم وأن يؤخر الفتح ليقدموا بعد ذلك مسلمين في رمضان من العام المقبل كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف عن الطائف على دحنا (1) حتى نزل الجعرانة فيمن معه من المسلمين ومعه من هوازن سبي كثير، وقد قال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف: يا رسول الله ادع عليهم فقال " اللهم اهد ثقيفا وائت بهم " قال: ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ومن الإبل والشاء ما لا يدرى عدته. قال ابن إسحاق: فحدثني عمرو بن شعيب وفي رواية يونس بن بكير عنه قال عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين فلما أصاب من هوازن ما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا فقالوا: يا رسول الله إنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك وقام خطيبهم زهير بن صرد، أبو صرد، فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك (2) اللاتي كن يكفلنك ولو أنا ملحنا (3) لابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما وأنت رسول الله خير المكفولين، ثم أنشأ يقول:
أمنن علينا رسول الله في كرم * فإنك المرء نرجوه وننتظر (4) أمنن على بيضة (5) قد عاقها قدر * ممزق شملها في دهرها غير أبقت لنا الدهر (6) هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر