الواقدي: وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي والمسلمون معه يلبون، ومضى محمد بن مسلمة بالخيل إلى مر الظهران فيجد بها نفرا من قريش، فسألوا محمد بن مسلمة؟ فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله، ورأوا سلاحا كثيرا مع بشير بن سعد، فخرجوا سراعا حتى أتوا قريشا فأخبروهم بالذي رأوا من السلاح والخيل، ففزعت قريش وقالوا: والله ما أحدثنا حدثا وإنا على كتابنا وهدنتنا (1) ففيم يغزونا محمد في أصحابه؟ ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح إلى بطن يأجج حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، وبعثت قريش مكرز بن حفص بن الأحنف في نفر من قريش حتى لقوه ببطن يأجج ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه والهدي والسلاح قد تلاحقوا، فقالوا: يا محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك، وقد شرطت، لهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني لا أدخل عليهم السلاح " فقال مكرز بن حفص: هذا الذي تعرف به البر والوفاء، ثم رجع سريعا بأصحابه إلى مكة. فلما أن جاء مكرز بن حفص بخبر النبي صلى الله عليه وسلم خرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال وخلوا مكة، وقالوا: لا ننظر إليه ولا إلى أصحابه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدي أمامه حتى حبس بذي طوى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه [رحمهم الله] وهو على ناقته القصواء وهم محدقون به يلبون وهم متوشحون السيوف، فلما انتهى إلى ذي طوى وقف على ناقته القصواء [والمسلمون حوله، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون على راحلته القصواء] (2) وابن رواحة آخذ بزمامها [وهو يرتجز بشعره ويقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله إلى آخره] (3) وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة - يعني من ذي القعدة سنة سبع - فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم. قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل ابن زكريا عن عبد الله بن عثمان، عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران من عمرته بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول: ما يتباعثون من العجف، فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحومه وحسونا من مرقه أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة، فقال " لا تفعلوا ولكن اجمعوا لي من أزوادكم فجمعوا له وبسطوا الأنطاع