حملة رجل واحد فما أفلت منهم رجل واحد، وقتل منهم عشرة وأسر سائرهم، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد (1). وثبت في الصحيحين: من حديث عبد الله بن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فقال: قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وهم غارون في أنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى سبيهم، فأصاب يومئذ - أحسبه قال - جويرية بنت الحارث. وأخبرني عبد الله بن عمر بذلك، وكان بذلك الجيش (2). قال ابن إسحاق وقد أصيب رجل من المسلمين يقال له هشام بن صبابة أصابه رجل من الأنصار وهو يرى أنه من العدو فقتله خطأ.
وذكر ابن إسحاق: أن أخاه مقيس بن صبابة قدم من مكة مظهرا للاسلام، فطلب دية أخيه هشام من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه قتل خطأ فأعطاه ديته ثم مكث يسيرا ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ورجع مرتدا إلى مكة وقال في ذلك:
شفى النفس أن قد بات بالقاع مسندا * يضرج ثوبيه دماء الأخادع (3) وكانت هموم النفس من قبل قتله * تلم فتحميني وطاء المضاجع حللت به وتري وأدركت ثؤرتي * وكنت إلى الأوثان أول راجع ثأرت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع (4) قلت: ولهذا كان مقيس هذا من الأربعة الذين أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح دماءهم وإن وجدوا معلقين بأستار الكعبة. قال ابن إسحاق: فبينا الناس (5) على ذلك الماء، وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار، يقال له: جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر (6) الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبد الله بن أبي بن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حدث، فقال: أو قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال الأول " سمن كلبك