أنس عن مالك بن صعصعة. ورويناه من حديث أنس بن مالك عن أبي بن كعب. ومن حديث أنس عن أبي ذر. ومن طرق كثيرة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا ذلك مستقصى بطرقه وألفاظه في التفسير، ولم يقع في هذا السياق ذكر بيت المقدس، وكان بعض الرواة يحذف بعض الخبر للعلم به، أو ينساه أو يذكر ما هو الأهم عنده، أو يبسط تارة فيسوقه كله، وتارة يحذف عن مخاطبه بما هو الأنفع عنده. ومن جعل كل رواية اسراد على حدة كما تقدم عن بعضهم فقد أبعد جدا. وذلك أن كل السياقات فيها السلام على الأنبياء، وفي كل منها يعرفه بهم، وفي كلها يفرض عليه الصلوات. فكيف يمكن أن يدعي تعدد ذلك؟ هذا في غاية البعد والاستحالة والله أعلم. ثم قال البخاري حدثنا الحميدي حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس). قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس، والشجرة الملعونة في القرآن. قال: هي شجرة الزقوم (1).
فصل ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من صبيحة ليلة الاسراء جاءه جبرائيل عند الزوال فبين له كيفية الصلاة وأوقاتها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فاجتمعوا وصلى به جبرائيل في ذلك اليوم إلى الغد والمسلمون يأتمون بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقتدي بجبرائيل كما جاء في الحديث عن ابن عباس وجابر:
" أمني جبرائيل عند البيت مرتين ". فبين له الوقتين الأول والآخر، فهما وما بينهما الوقت الموسع، ولم يذكر توسعة في وقت المغرب. وقد ثبت ذلك في حديث أبي موسى وبريدة وعبد الله بن عمرو وكلها في صحيح مسلم. وموضع بسط ذلك في كتابنا الاحكام ولله الحمد. فأما ما ثبت في صحيح البخاري عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر (2). وكذا رواه الأوزاعي عن الزهري، ورواه الشعبي عن مسروق عنها وهذا مشكل من جهة أن عائشة كانت تتم الصلاة في السفر، وكذا عثمان بن عفان وقد تكلمنا على ذلك عند قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم